شهدت الليلة الثانية للمهرجان الدولي الموسيقى السيمفونية الذي يحتضن فعالياته قصر الثقافة مفدي زكريا، بحر الأسبوع الجاري، تنوعا وتناغما موسيقيا قدمته أربع فرق مشاركة أجنبية وعربية على غرار أوكرانيا، سويسرا، ألمانيا وتونس. استهلت الليلة الفرقة السيمفونية الأوكرانية التي قدمت باقة متنوعة وثرية من الموسيقى الكلاسيكية الراقية، حيث شدت انتباه الجمهور الذواق الذي استمتع بما تغزله الأنامل القادمة من أوروبا الشرقية من إيقاعات وأنغام تنعكس فيها روح الشرق على مختلف الآلات الموسيقية كآلة الفيولون والبيانو فقدمت وصلات مختلفة لموسيقيين كبار بهذا البلد على غرار “ميروسولاف سكوريك”و”شيرباكوف”. بدوره، أحيا الجزء الثاني من الليلة الرباعي السويسري الموسوم ب “ازازيلو” بقيادة عازفة الكمان باربارا كوستر الذي لم يخيب الآمال حين عانق الحضور بمقطوعة نغمية سويسرية خالصة وبلغة ألمانية تتسم باللحن والجمالية خلال الشطر الأول لها أين اكتشف الجمهور تزواجا فنيا يعود إلى حضارة ألمانية عتيقة وسويسرية حديثة، الأمر الذي جعلت الجمهور لا يتوقف عن التصفيق إعجابا بها. أطلت الأوركسترا السويسرية الشابة في الشق الثالث من الليلة على محبيها بريبرتوار فني سيمفوني متنوع، حيث أدى مقطوعة” مناظر” لصاحبها ارنست بلونش” حيث طغى عليها صوت العازيفين على آلة البيانو و”ألتو” الذين نقلوها بنوع من الإحساس والذكاء في أن واحد الجمال السويسري الخلاب، فيما سطعت الماكنة الموسيقية لبلاد المانشافت في سماء الجزائر السنفونية متنقلة في أجوائها بهدوء تام أضفى على المكان والجمهور سحرا ورونقا مميزا بأداء دقيق يمتد إلى حضارة ضاربة في أعماق التاريخ لشعب عريق لا يكل ولا يمل فاق كل التصورات، حيث قدم الخماسي الألماني معزوفات عالمية لأشهر عازفيهم على غرار مقطوعة رسموا بها تاريخ موسيقى التانغو للموسيقي الشهبر استور بيازولا، وكذا جوزاف ميروسلاف، ومسك ختام السهرة كان بنكهة عربية ولغة إيطالية أدته الأوركسترا السيمفونية التونسية التي قدمت الأوبرا المسومة ب “السيدة الخادمة” بقيادة رشيد قوبعة حملت في طياتها تناسق بين عزف الآلات وحوار السيد والسيدة الخادمة باللغة الإيطالية البحتة، التي تفاعل معها الحاضرون بقوة، لا سيما وأن نبرات الصوت كانت تعلو على المسامع داخل القاعة فالتميز صنعه الحوار الدائر بين هيثم الحذيري ويسرى زكري الذي كان يجري في خضم العزف المتواصل تارة والسكون تارة أخرى، ليلبس ختام السهرة ثوبا ثقافيا بأسلوب تونسي وكلمات إيطالية.