ليس هناك أخوف عندي - ومنذ الصغر- من الكلاب، فنباح الكلاب البعيد ليلا كاف لتأريقي ليلة كاملة، أمّا لو اقترب هذا النباح مني، فأتحول إلى طفل باك يعدو في أي اتجاه ولا أدري ما علاقة كثرة أحلامي بالكلاب، حتى أنني أتخيلها وأراها أحيانا في اليقظة.. لعلها يقظة مزيفة، أو لعلها مخلوقات أخرى تدّعي الكلابية لتخويفي، وبعث الرعب فيّ وفي من حولي، المهم أن الكلاب لا تنبح بلا سبب.. أيقظتني زوجتي مبسملة: ماذا حصل لك، لماذا تتصبب عرقا، وتصيح كالمجنون؟! حدقت فيها مليا، وأغمضت عيني، وعدت إلى كوابيسي وأسراب الكلاب تلاحقني بنباحها مكشرة عن أنيابها.. ثم تتحول هذه الأنياب إلى خارقات تنهش جسدي وتدمي قلبي وروحي، مخالبها تقطع جلدي باحثة عن أحشائي، هي ليست كلابا ضالة، ولا متشردة، كلها مقلدة بسلاسل ذهبية وعليها أسماؤها وأرقامها، لوحات في جباهها كلوحات السيارات تماما. ناداني أحد الكلاب أن أركب على متنها. - إلى أين تأخذونني، أنا لا أتعامل مع الكلاب، أنا أخاف الكلاب.. لا تخف نحن كلاب من صنف آخر، لسنا كالكلاب ولا كالعباد، نحن.. رفضت الانصياع إلى رغبتها، ورفضت التخويف والتهديد، وحتى الإغراء، حملت حفنة من الحصا، رميت بها في وجهها، تراجَعَت قليلا لاهثة، جريت في اتجاه معاكس حتى لا تلمحني، هربت.. تخلصت من هذا السرب المسعور، فوقعت بين مخالب سرب آخر في نفس الليلة وفي نفس الحلم.