أجمع المشاركون من مؤرخين وباحثين في مجال التاريخ والصورة خلال اليوم الدراسي الذي احتضنه نهاية الأسبوع الماضي مركز البحث الانتربولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران حول “„التاريخ والسينما وحرب التحرير“، تزامنا مع فعاليات مهرجان الفيلم العربي، على وجود علاقة تكاملية بين المؤرخ وكاتب السيناريو، مع ترك هامش من الحرية لهدا الأخير ليستعين بالخيال في كتابة الأفلام حول الثورة التحريرية المجيدة، لا أن يكون خاضعا لسلطة المؤرخ. أكد الأستاذ مصطفى صوفي باحث بمركز البحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بالجزائر العاصمة خلال مداخلته، أن هناك علاقة تكاملية بين الطرفين، كاتب السيناريو والمؤرخ ولا يوجد هناك مجال لاعتراض المؤرخين أو ممن شاركوا في الثورة التحريرية على ما يقدمه كاتب السيناريو من إبداع وخيال يستعين به في تقديم الفيلم الثوري الجزائري، مستدلا في ذلك بفيلم „زبانة“ عندما أقحمه كاتب السيناريو في أحداث الهجوم على مكتب البريد بوسط مدينة وهران، بينما الحقائق التاريخية تدل أنه لم يكن من بين المجموعة، كذلك فيلم بن بولعيد الذي يتناول تاريخ انطلاق الثورة التحريرية بمنطقة الأوراس والسيرة الذاتية للبطل بن بولعيد، التي لم تحمل ، الحقائق كلها، داعيا إلى إنتاج المزيد من الأفلام الثورية التي تحتاج حسبه إلى محترفين من كتاب سيناريو وممثلين والى التكوين المتخصص في مجال السينما الذي تضمنه الجامعة. من جهته، يرى الباحث محمد عامر من مركز البحث في الانتربولوجيا بوهران، أن هدفه العمل على موضوع حرب التحرير بشقيها التاريخي بحضور المؤرخين والسينماتوغرافيا بحضور سينمائيين لتحليل كيف يري المؤرخ الكتابة السينمائية للفيلم الثوري الجزائري، وكيف يتعامل مع هذا الموضوع وكيف يتعامل السينمائي مع كتابة التاريخ، حيث ركز في مداخلته على تطور الفيلم التاريخي خلال العشر سنوات الأولى من الاستقلال، حيث كانت السينما الجزائرية تعطي أهمية للحدث وتلغي دور الممثل أي المجاهد أو الشهيد، لذلك كانت الأفلام تعتبر أن الشعب هو البطل الوحيد في الفيلم الثوري، لكن اليوم مع فيلمي „بن بولعيد „و“زبانة“ هناك تطور، حيث أعطيا لنا صورة واقعية عن الحدث والفاعلين معا، وهذا هو الجديد الإيجابي بالرغم انه في بداية سنوات الستينيات تطرق كاتب السيناريو لشخصية العربي بن مهيدي وعلي لابوانت في فيلمي „معركة الجزائر „. وفي نفس السياق، يرى الباحث في التاريخ صادق بن قادة، أنه „بدون مؤرخ وباحث في حقل التاريخ لا نستطيع إنتاج أفلام ثورية جيدة“، ما يطلب تعاونا متكاملا بين المؤرخ وكاتب السيناريو، مستدلا بالنجاح الذي حققه العمل السينمائي „الشيخ بوعمامة“ للكاتب بوعلام بسايح. بينما ذهب كاتب السيناريو سليم عقار إلى الحديث عن الأفلام الثورية التي تطورت بداية من سنة 2008، حيث انتقلت من الأعمال التي تناولت انتصارات جيش التحرير الوطني ومقاومة الشعب الجزائري للاستعمار الفرنسي، إلى إبراز سير الأبطال والشهداء على غرار الفيلمين „مصطفى بن بولعيد“ لأحمد راشدي و«زبانة“ لمخرجه سعيد ولد خليفة. مشيرا في نفس الوقت إلى أن هناك إرادة سياسية من قبل الدولة الجزائرية في إنتاج تلك النوعية من الأفلام، ماعدا فيلم „جميلة بوحيرد“ الذي أخرجه وأنتجه يوسف شاهين خلال الثورة التحريرية الجزائرية. من جهته، عرض الباحث عدة شنتوف من جامعة سعيدة، ملخصا لكتابه „السينما الجزائرية وحرب التحرير“ الذي سيصدر قريبا، ويلخص فيه الأفلام الثورية التي عرضت عبر قاعات السينما بالوطن.