أنجبت ولاية تيبازة العديد من الأدباء والفنانين، وكانت ملجأ أدبيا لكثير من أدباء الجزائر، فاتخذوها مقاما لهم ومحرابا يؤدون فيه مناسك أدبهم وفنهم، التقت «المساء» برئيس فرع اتحاد الكتاب الجزائريين بولاية تيبازة، الأستاذ عبد الرحمان عزوق، وأجرت معه هذا الحوار حول الثقافة بولاية تيبازة، ونشاط الفرع على الخصوص. عندما نذكر تيبازة، نذكر جمال الطبيعة الخلاب والتاريخ والأدب والفن، فهل بإمكانكم أن تخبرونا عن نشأة فرع إتحاد الكتاب بولاية تيبازة؟ تم تأسيس فرع إتحاد الكتاب بتيبازة سنة 1999م، ترأسه في البداية الشاعر نور الدين طايبي نائب رئيس إتحاد الكتاب الجزائريين الحالي، وأكبر مشكل يعيشه هذا الفرع، هو عدم وجود مقر يجتمع فيه أعضاؤه ويستقبلون فيه ضيوفهم من الأدباء والصحفيين من خارج الولاية، وقد قدمنا طلبا للمصالح المختصة بالولاية منذ خمسة أشهر، ولم نتلق أيّة إجابة حتى الآن، سواء كانت إيجابية أو سلبية، رغم ذلك، نأمل الحصول على مقر حتى نتمكن من تقديم أنشطة ثقافية في الولاية، تخدم الثقافة في الولاية والثقافة الوطنية عموما.
أين يزاول الفرع نشاطه الثقافي حاليا؟ بعد جهد جهيد، تمكّنا من الحصول على قاعة مناسبة بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بمدينة تيبازة، ولكن لايمكن تقديم أي نشاط إلا بترخيص من مديرية التنظيم والشؤون العامة بالولاية في كل مرة، مع الموافقة من طرف السيّدة المحترمة مديرة المكتبة المذكورة آنفا، وبالمناسبة، نشكرها شكرا جزيلا على مساعدتها لنا، وهذا النشاط يقدم كل 15 يوما في شكل محاضرات أو أمسيات شعرية أو قصصية، كما نشكر أيضا إذاعة تيبازة الجهوية التي لم تبخل علينا في إعلانها عن كل نشاط نقدمه في الوقت المناسب، ومحاورة أعضاء مكتب الفرع في كل نشاط يبرمج قبل تقديمه.
ما هو النشاط الثقافي الذي يقدمه الفرع من خلال الكتاب والأدباء؟ المنتمون إلى هذا الفرع عددهم محدود، رغم أن الولاية تزخر بمواهب كثيرة ومتنوعة، والسبب ربما يعود إلى عدم تشجيع الأدباء والنقص في توعية الأدباء الشباب خصوصا، وموقف البعض من الإتحاد عموما، أمّا نوعية الأجناس الأدبية التي يقدمها الأعضاء، فتتراوح بين القصة والشعر والدراسات، خاصة منها المختصة بالتراث الشعبي، والأبواب مفتوحة لكل كاتب أو شاعر أو باحث بأي لغة من اللغات للإنضمام إلى الفرع، وقد وزعنا استمارات عديدة ولكن القليل من الكتاب والشعراء استجابوا لهذه الدعوة، في انتظار الآخرين.
هل للفرع علاقة بالمؤسسات الثقافية والإدارية بالولاية؟ عندما تأسّس الفرع، وتم تجديده، اتصلنا بالولاية ومديرية الثقافة لولاية تيبازة، مديرية المجاهدين، المجلس الشعبي الولائي، الأمن الوطني والدرك الوطني، معلنين عن تجديد هذا الفرع، كما وقعنا اتفاقيات لتوأمة بعض الفروع مع فرعنا، ومنها الجزائر العاصمة، بومرداس وتيبازة، وفعلا، شاركنا في نشاط العاصمة الثقافي الذي اندرج في هذه التوأمة، في انتظار أنشطة أخرى.
من المعروف أن تيبازة مقر ومقام الروائي الطاهر وطار، فهل فكرتم في تنظيم ملتقى لهذا الروائي في المدينة التي ألهمته الإبداع وشهدت ميلاد العديد من أعماله الروائية؟ أملنا كبير في تنظيم ملتقى وطني حول ما كتبه فقيد الرواية الجزائرية، الكاتب الكبير الطاهر وطار الذي كتب روايات عديدة في منطقة شنوة، غرب مدينة تيبازة، ولكن لن يتحقق ذلك إلا إذا وجدنا مساعدة، خاصة المادية منها من جهات أخرى لتحقيق هذا الحلم الذي سيخدم الولاية ثقافيا.
هل فرع إتحاد الكتاب بتيبازة ينظم مسابقات أدبية؟ عندما كان الشاعر نور الدين طايبي رئيسا للفرع، نظمت مسابقة للقصة القصيرة، شارك فيها عدد كبير من كتاب القصة من ولايات مختلفة، وكنت شخصيا في لجنة التحكيم، ونجحت المسابقة نجاحا باهرا، حيث ساهمت فيها أطراف أخرى لها صلة بالثقافة، وهي فكرة طيبة يمكن إحياؤها لتصبح تقليدا ثقافيا دائما تفتخر به الولاية.
هل تنسقون مع الجمعيات والفعاليات الثقافية الأخرى؟ التنسيق الثقافي بيننا وبين الفعاليات الثقافية الأخرى في الفروع أو الجمعيات، مثل الجاحظية، يتوقف على تقديم مساعدة من طرف جهات أخرى قادرة على مساعدتنا، وما نقوم به حاليا يعتبر متواضعا جدا حتى لا يتوقف الفرع عن النشاط، والتنسيق الوحيد الموجود، حاليا، يتمثل في التوأمة التي تحدثنا عنها سابقا كخطوة أولى لتوسيعها إلى فروع وجمعيات أخرى.
هل لفرع إتحاد الكتاب بتيبازة علاقة بالرابطة الوطنية للأدب الشعبي؟ فيما يخص الأدب الشعبي، خاصة الشعر الملحون، يوجد عدد كبير من هذا اللون، سواء بالعامية العربية أو بالأمازيغية، وقد قدمنا بعض الأمسيات، لكن النشاط محدود جدّا لظروف عديدة، منها أن المكان الذي نقدم فيه أنشطتنا معزول يقع في حي إداري خال من السكان، الأمر الذي جعل محبي الثقافة وأنصارها لا يقبلون على هذا المكان لعزلته وانعدام المواصلات إليه، ولكن الإتصال بطلاب القطب الجامعي الذي افتتح هذه السنة قد يقضي على هذا المشكل، وأقصد الإقبال على أنشطتنا، وهذه فرصة لاكتشاف مواهب جديدة في الشعر والقصة بمختلف اللغات، وإقناع هذه المواهب على الإنضمام إلى الفرع، وتشجيعهم للمشاركة في النشاط الثقافي ومساعدتهم لطبع أعمالهم.
كيف هي علاقة فرع إتحاد الكتاب بتيبازة بمديرية الثقافة؟ علاقتنا بمديرية الثقافة طيبة جدا، وربما التقصير يقع عليّ شخصيا لعدم طلب المساعدة منها، وعدم الإتصال بها منذ أن أعلنا على تجديد الفرع منذ أشهر، والفرع مستعد في أي وقت للتعاون فيما بيننا من أجل النهوض بالثقافة على مستوى ولايتنا، لأن نشاطنا تكاملي لا تنافري.
من جانب آخر، اتسمت السنوات الأخيرة بإصدار الكتب وطبعها، فما هو مكان فرع الإتحاد في هذا الجانب؟ في إطار طبع كتب من طرف أعضاء الفرع، هناك ثلاثة كتب تحت الطبع؛ الأول في القصة القصيرة للكاتب عبد العزيز عيساني، وهو أقدم عضو في الإتحاد ونائب رئيس الفرع حاليا، وكتاب آخر في التراث للكاتب أحمد فضيل الشريف، وهو عضو مؤسس للفرع، والثالث للمتحدث تحت عنوان؛ «قصائد إلى والدي»، وهو الديوان السابع بالنسبة إلي.
تكلمنا عن الجانب الأدبي، فما هي الجوانب الأخرى التي يشتغل عليها الفرع، كالتشكيل والمسرح وغيرها من الفنون؟ ركزنا في هذا الحوار على الجانب الأدبي فقط، أمّا الفنون الأخرى، فلا يتسع هذا الحيز لذكر ما تزخر به الولاية من مختلف الفنون، خاصة التشكيلية منها، لأن تيبازة تزخر بعمالقة هذا الفن أمثال؛ بوكرش و أخيه زهير، الطاهر ومان، بوشاشي وغيرهم، أضف إلى هؤلاء كبار الأدباء الجزائريين الذين لجؤوا أدبيا إلى تيبازة أمثال؛ الطاهر وطار، ومن أبنائها محمد صاري، آسيا جبار، الدكتور محمد أرزقي فراد وغيرهم، بالإضافة إلى ذلك، تحتوي تيبازة على معالم أثرية وتاريخية كثيرة من مختلف العصور، باعتبارها من المدن الأثرية مثل؛ شرشال، تيبازة، القليعة وقبر زوجة يوبا الثاني باعتبارها مركزا سياحيا هاما على المستوى الوطني، أملي كبير في ازدهار الثقافة في هذه الولاية، لما تحوزه من مواهب وتملكه من فن في شتى أنواعه.