أجرى الأخضر الإبراهيمي الموفد الدولي المشترك إلى سوريا، أمس، جولة جديدة من المحادثات مع مسؤولين روس وأمريكيين بمدينة جنيف السويسرية في مسعى آخر لإيجاد مخرج لأزمة سورية استعصى على المجموعة الدولية حلها وقد دخلت شهرها ال 22 بحصيلة قتلى ثقيلة بلغت 60 ألف شخص. وتعد هذه المرة الثالثة التي يلتقي فيها الأطراف الثلاثة لبحث سبل احتواء هذه الأزمة في وقت لا تزال فيه مواقف كل الأطراف المباشرة وغير المباشرة متضاربة ولا توحي بأي أفق قريب لحل سلمي ينهي معاناة شعب بأكمله. وكان الإبراهيمي قد أجرى لقاء مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ونظيرها الروسي سيرغي لافروف في السادس ديسمبر الماضي بدبلن قبل أن يلتقي ثلاثة أيام بعد ذلك بنائبيهما وليام برنس ومخائيل بوغدانوف اللذان التقاهما، أمس، بجنيف. وتزامنا مع عقد لقاء جنيف، جددت روسيا الحليف الرئيسي لدمشق في مجلس الأمن الدولي تأكيدها على أن تسوية النزاع يجب أن تمر عبر حوار بين السلطة والمعارضة. وهو الموقف المبدئي الذي تنادي به روسيا رغم فرض الجانبين المتنازعين في سوريا شروطا مسبقة لإجراء أي حوار، حيث تطالب المعارضة برحيل الأسد أولا بينما يرفض هذا الأخير التفاوض مع من يصفهم ب “عملاء الخارج” في إشارة لائتلاف المعارضة السورية. ويحاول الدبلوماسي الجزائري المخضرم من خلال هذه اللقاءات تقريب وجهات النظر بين واشنطن وموسكو ليقينه أن مفتاح حل الأزمة السورية يمر أولا عبر هاتين العاصمتين لما لهما من ثقل وتأثير على طرفي الأزمة السورية من سلطة ومعارضة. وهي مهمة أقل ما يقال عنها أنها صعبة إذا لم تكن مستحيلة، خاصة وأن السلطات السورية التي سبق وأن رحبت في سبتمبر الماضي بتعيين الإبراهيمي وسيطا مشتركا للأمم المتحدة والجامعة العربية في الأزمة وجهت له، أول أمس، انتقادات حادة بعدما اعتبرته منحازا بشدة للطرف المعارض. وجاءت انتقادات السلطات السورية بعدما وصف الإبراهيمي مبادرة الرئيس الأسد الأخيرة بأنها “طائفية ومن جانب واحد” واعتبر أن الشعب السوري يشعر بأن عائلة الأسد قضت في الحكم أكثر مما ينبغي في تلميح ضمني إلى ضرورة ترك الرئيس السوري للسلطة. لكن دمشق لم تغلق كل قنوات الاتصال مع الوسيط الدولي المشترك وقالت إنها لا تزال تأمل في نجاح مهمته والتعاون معه في إطار رؤيته للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية. وفي ظل استمرار المساعي الدولية لاحتواء الوضع المتفاقم في سوريا سلميا تبقى لغة الرصاص هي الغالبة على وضع ميداني يشهد يوميا سقوط المزيد من الضحايا دون تمييز بين مدني وعسكري. وفي السياق، أكدت منظمات سورية غير حكومية، أمس، أن أكبر مطارات جنوب سوريا وقع حاليا في أيدي مسلحي المعارضة بعد عدة أيام من المعارك الضارية بين هؤلاء والقوات النظامية أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا. وقال رامي عبد الرحمان، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن “الأمر يتعلق بالاستيلاء على أهم قاعدة جوية في جنوب البلاد منذ اندلاع الأزمة قبل 22 شهرا”، مضيفا أن المسلحين ينتمون إلى جماعات تطلق على نفسها أسماء مختلفة مثل “أحرار الشام” و«الطليعة الإسلامية” و«جبهة النصرة”، هذه الأخيرة التي أدرجتها الولاياتالمتحدة -مؤخرا- في قائمة المنظمات الإرهابية في قرار لم يرق للمعارضة المسلحة.