أكد الاجتماع الثلاثي الجزائري-التونسي-الليبي، أمس، بغدامس، على إصرار البلدان المغاربية الثلاثة على دعم التعاون من أجل ضمان أمن المنطقة. واتفق رؤساء الحكومات في الختام على إنشاء مراكز مراقبة ودوريات حراسة حدودية مشتركة سعيا لبسط الأمن والحفاظ على الاستقرار ومواجهة مختلف الأخطار لاسيما على مستوى الحدود. وعقد هذا الاجتماع الأول من نوعه بغدامس الليبية من أجل دراسة الوضع الأمني السائد على حدود الجزائروتونس وليبيا وسبل دعم التعاون بينها والوسائل الداعمة للتعاون من أجل ضمان الاستقرار والأمن والتنمية في المناطق الحدودية. وشارك فيه الوزير الأول السيد عبد المالك سلال ورئيسا حكومتي تونس وليبيا السيدان علي زيدان وحمادي الجبالي. وحضره عن الجانب الجزائري وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والافريقية عبد القادر مساهل وقائد الناحية العسكرية الرابعة، وعن الجانبين الليبي والتونسي وزراء الداخلية والخارجية والدفاع. وأكد السيد سلال على ضرورة التنسيق بين كل المصالح المعنية على مستوى الحدود في الجزائر وليبيا وتونس لمواجهة الأخطار التي تحدق بالمنطقة. وأعلن في ندوة صحفية نشطها بمعية رئيسي حكومتي تونس وليبيا السيدان حمادي الجبالي وعلي زيدان عقب اختتام الاجتماع عن لقاءات ستجري كل أربعة أشهر تجمع رؤساء حكومات هذه البلدان إلى جانب لقاءات دورية أخرى للمسؤولين المباشرين على الأمن وذلك من أجل ”التنسيق فيما بينها لوضع حد للمخاطر التي تواجهها”. وشدد على ”ضرورة استرجاع الأمن مهما كلف الأمر” مبرزا أهمية ذلك في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، معبرا عن اقتناعه بأن التحديات التي تواجهها المنطقة ”ليست بالأمر الهين”، مذكرا في هذا المجال بالوضع في كل من مالي والصومال. ووصف هذا اللقاء ب«التاريخي للمنطقة ككل”، مشيرا إلى أن ”عدة دول عربية وإفريقية تواجه إرهابا همجيا وجريمة منظمة وتبييضا للأموال وهذا من شأنه أن يمس بالأمن في المنطقة”. وقال رئيس الحكومة الليبي من جانبه إن اللقاء ”قمة بامتياز” بالنظر إلى الحدود المشتركة بين هذه البلدان وما يجري في دول الجوار، مؤكدا أنه في إطار العمل المغاربي فإن المغرب وموريتانيا ستكونان في ”صلب الجهود المبذولة لبناء صرح المغرب العربي”. فيما شدد رئيس الحكومة التونسية على ضرورة توحيد الجهود لمعالجة المسائل الأمنية، مبرزا أهمية تنمية المناطق الحدودية ”بمساعدة كل الفاعلين”، لكنه أقر بأن الأولوية في الوقت الحالي يجب أن توجه ”للجانب الأمني”. وهو ما كان السيد سلال قد أشار إليه في كلمة افتتاح اللقاء الثلاثي عندما أكد بأن تحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي لدول المنطقة مرهون بضمان الأمن والاستقرار الفعليين. وقال إنه من الضروري استرجاع الأمن لدول المنطقة ”مهما كلف ذلك”، مشددا على أهمية التنسيق بين كل بلدان المغرب العربي والساحل من أجل تحقيق ذلك. وذكر في هذا الصدد بأن الجزائر بعد السنوات التي عرفت فيها أعمالا إرهابية، تمكنت من استرجاع أمنها واستقرارها وتمكنت بالتالي من تحسين ظروفها الاقتصادية بشكل ملحوظ. وقال إن ”الجزائر مرت بسنوات عرفت فيها الإرهاب والتطرف الاسلاموي وواجهته بقوة”، مبرزا دور المصالحة الوطنية في استقرار الجزائر. ولعودة الأمن والطمأنينة لدول المنطقة يرى سلال ضرورة تطبيق القانون، مؤكدا عزم الجزائر على ”تأمين حدودها كليا” لحمايتها من الخطر الذي يحدق بالمنطقة، وذلك بالتنسيق مع دول الجوار، عبر تبادل الخبرات للتصدي للمجرمين ومختلف الأخطار التي تهدد المنطقة. للاشارة، استقبل الوزير الأول عبد المالك سلال عند وصوله إلى غدامس من طرف كل من الوزير الأول الليبي علي زيدان والوزير الأول التونسي حمادي جبالي. وقبل انطلاق أشغال الاجتماع الموسع لوفود البلدان عقد الثلاثة اجتماعا مغلقا. وتوج الأخير سلسلة من اللقاءات الثنائية التي جمعت مسؤولي البلدان الثلاثة في الآونة الأخيرة من بينها زيارة السيد الجبالي للجزائر (يومي 2 و3 ديسمبر) وزيارة السيد زيدان للجزائر أيضا (يومي 10 و11 ديسمبر). وقد أكدت الأطراف الثلاثة خلال هذه اللقاءات عزمها على ترقية تعاونها في مختلف المجالات لمواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعرفها المنطقة والعالم. إذ تضمن البيان المشترك الذي توج زيارة السيد زيدان للجزائر دعوة الطرفين إلى اجتماع فريق العمل المشترك المكلف بدعم وترقية المبادلات التجارية قبل نهاية الثلاثي الأول من العام 2013، من أجل وضع تصورات وخطط عملية للإسراع في إجراء الدراسات اللازمة لتطوير وتنمية المنطقة الحدودية (غدامس-دبداب) بما يخدم الحركة التجارية والاقتصادية بين البلدين. وعلى صعيد تأمين الحدود المشتركة، تعهدت الجزائر بعدم السماح لأي شخص تسول له نفسه استعمال أراضيها للمساس بليبيا أو تهديد أمنها واستقرارها كما تعهدت ليبيا بعدم السماح لأي كان باستعمال أراضيها لتهديد أمن واستقرار الجزائر. كما أدانت الجزائر وليبيا كل أشكال التطرف والإرهاب والجريمة المنظمة وأبديا عزمهما على رصد كل الوسائل والإمكانيات المتاحة لمحاربة هذه الظواهر التي باتت تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. ولتجسيد هذه الأهداف لاسيما الأمنية منها كان سلال قد صرح بأن الجزائر مستعدة لمد يد العون لليبيا خاصة في الجانب الأمني وذلك من أجل تدعيم السلطة. من جانبه، كان السيد زيدان قد أكد خلال زيارته الأخيرة للجزائر اتفاق الدولتين على جملة من المبادرات في مجال التعاون الأمني التي ستنطلق بداية شهر جانفي 2013. كما تكللت زيارة رئيس الحكومة التونسي هي الأخرى ببيان دعا إلى دعم وتكثيف التعاون لمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والتهريب. واتفق الطرفان على مواصلة التشاور حول كيفية تنظيم عمل هياكل وآليات التعاون في أفق تحسينه والرفع من أدائه. وسجلت الجزائروتونس بارتياح توصلهما لوضع مشروع ورقة طريق مشتركة لتنمية المناطق الحدودية واتفاقهما على رؤية استشرافية مشتركة لتطوير التعاون الثنائي وتوسيع آفاقه المستقبلية. للإشارة، شاركت الجزائر في مارس 2012 بطرابلس (ليبيا) في أشغال الندوة الوزارية الإقليمية حول أمن الحدود ممثلة بوزير الداخلية والجماعات المحلية، بمشاركة كل من ليبيا والنيجر والتشاد والمغرب وتونس والسودان ومصر في حين شارك كل من الإتحاد الإفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي كملاحظين.