شكلت زيارة كاتبة الدولة الألمانية المكلفة بالبيئة وحماية الطبيعة والأمن النووي للجزائر مناسبة جديدة لاستعراض التعاون بين البلدين، لاسيما حول الطاقات المتجددة. إذ تم طرح أهم المحاور التي يمكن أن تمثل أوجه هذا التعاون وعلى رأسها مشروع ”ديزيرتيك” الذي يعد من أهم المشاريع المشتركة في هذا المجال. وعبرت المسؤولة الألمانية خلال لقائها بكل من وزيري الطاقة والمناجم والتعليم العالي والبحث العلمي عن اهتمام الشركات الألمانية بالتعاون مع الجزائر. وقالت السيدة كاترينا رايخ في محادثات جمعتها بالسيد يوسف يوسفي أن هناك اهتماما فعليا لدى مختلف الشركات الألمانية العاملة في مجال الطاقات المتجددة للمساهمة في تطوير هذا القطاع ببلادنا، لاسيما وأن وزير الطاقة عبر عن رغبة الجزائر في تصنيع التجهيزات الخاصة بهذا النوع من الطاقة على المستوى المحلي. ولهذا فقد اتفق الطرفان على تبادل الزيارات بين الخبراء وتنظيم ورشة حول الطاقات المتجددة والبحث والتطوير. وهو ما ألح عليه السيد رشيد حراوبية الذي شدد على أهمية تكثيف التعاون الثنائي في مجال البحث للاستفادة من الخبرات الألمانية في هذا المجال. فالمطلوب إذا من الطرف الجزائري هو تحويل التكنولوجيا الالمانية المعروفة عالميا بخصوصيتها في المجال البيئي واستغلال الطاقات المتجددة. فألمانيا من البلدان المتقدمة الرائدة بما حققته من ابتكارات ومشاريع بيئية جد مميزة، مما جعل الشركات الألمانية بالذات مرجعا للراغبين في تطوير الطاقات المتجددة. وذكر المسؤولان الجزائريان خلال هذه الزيارة بالبرنامج الجزائري الخاص بتعزيز استعمال الطاقات المتجددة، إذ تطمح الجزائر مع حلول سنة 2030 إلى أن تصبح هذه الطاقات موردا لانتاج 22 ألف ميغاواط، يوجه جزء منها للتصدير، وأن تساهم الطاقات المتجددة في الاستهلاك الوطني للطاقة بنسبة 40 بالمائة. ويهدف البرنامج إلى بلوغ مستوى الامتياز بمنطقة شمال إفريقيا، بالاعتماد خصوصا على الطاقة الشمسية التي تعد أهم ثروة تمتلكها الجزائر والتي يمكن ”توظيفها بطرق علمية رفيعة لبلوغ الريادة التكنولوجية” كما أشارت السيدة رايخ.للعلم، وقعت الجزائر وألمانيا سنة 2010 اتفاقا مشتركا على مشروع ”ديزيتيك” وهي مبادرة تكلفتها 500 مليون أورو تهدف إلى تغطية نصف احتياجات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا من الكهرباء بحلول 2050. وتم الاتفاق بين البلدين في مرحلة أولى على إنجاز مشروع لإنتاج الكهرباء ب1000 ميغاواط. وتشترط الجزائر في مثل هذه المشاريع مشاركتها في تقاسم التمويل وانفتاح أكبر للسوق الأوروبية للكهرباء وتحويل التكنولوجيا. وكانت دراسة أعدها معهد فوبرتال بالتعاون مع شركاء بناءً على تكليف من مؤسسة هاينريش بول الألمانية قد أشارت إلى أنه سيتم في المستقبل توليد الطاقة على نطاق واسع في شمال إفريقيا بمحطات الطاقة الشمسية الحرارية والطاقة الشمسية الكهروضوئية ومحطات طاقة الرياح، وسوف تُنقل إلى مراكز الطلب الأوروبي. الدراسة أخذت الجزائر نموذجاً، وجاءت بعنوان”الجزائر – مورد أوروبا المستقبلي للكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة- رؤية الجزائر والنهج الأوروبي الحالي”. وجاء فيها أن ”اﻷطراف الرئيسية في الجزائر تُركز على خلق فرص عمل محلية وإرساء اقتصاد ذاتي للطاقة قادر على اﻷداء وكذلك نقل التكنولوجيا من أوروبا إلى الجزائر”، لكن، بالمقابل، أوروبا لا تُراعي احتياجات الأطراف في البلدان المنتجة عند إنشاء البنية التحتية لمصادر الطاقة المتجددة العابرة للقارات إلا بقدر قليل جداً. في نفس السياق، فإن الاهتمام الألماني يمتد إلى كل المنطقة العربية، إذ تعمل على تدعيم تعاونها في مجال الطاقات المتجددة بهذه المنطقة، لاسيما في بلدان الخليج العربي، حيث تم وضع خطط لمشاريع ضخمة جداً لاستغلال مصادر الطاقة المتجددة. منها المملكة العربية السعودية التي تسعى لبناء منشآت عملاقة لتوليد 40000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية. كما أن دبي أصدرت سنة 2011 تعليمات لبناء منشآت لتوليد الطاقة ذات مردودية عالية، وهناك مدن أخرى تسير على هذا النهج. وتعتبر الحكومة الألمانية أن كل هذه المشاريع تعد ”فرصة مستقبلية للشركات الألمانية” التي تشارك حاليا في السوق العالمية في مجال الطاقات الخضراء بحصة تصل إلى 15 بالمائة.وكان وزير الطاقة والمناجم، السيد يوسف يوسفي، قد أكد في عدة مناسبات آخرها عرض لمشروع القانون الجديد للمحروقات أمام نواب المجلس الشعبي الوطني أن الجزائر ستعمل على تجنيد كل الطاقات المتوفرة لديها سواء كانت طاقات متجددة أو محروقات وحتى الطاقة النووية على المدى البعيد. وأكد أن هناك طموحا جزائريا للعب دور في ترقية الطاقات المتجددة من خلال البرامج التي تم وضعها، لكنه شدد في السياق على أهمية التكوين والابتكار وتصنيع التجهيزات الخاصة بهذا المجال داخل الجزائر من أجل تخفيف التكاليف الباهظة لهذا النوع من الطاقة، وخلق مناصب عمل.