التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، برئيس ائتلاف المعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب بمناسبة انعقاد ندوة الأمن الدولي بالعاصمة الألمانية برلين. وتعد هذه المرة الأولى التي يلتقي فيها الرجلان علنا في مسعى من أجل إيجاد مخرج للأزمة الأمنية المستفحلة في سوريا وأصبحت تنذر بحرب إقليمية في حال توسعت رقعتها إلى دول الجوار في احتمال أصبح ممكنا جدا بعد الضربة الجوية الإسرائيلية ضد موقع عسكري سوري الأسبوع الماضي. ويكتسي اللقاء، الذي أحيطت نتائجه بسرية تامة، أهمية خاصة بالنسبة لمستقبل العلاقة بين موسكو والمعارضة السورية وعلى الوضع العام في سوريا إذا سلمنا بأن هذه المعارضة رفضت أي دور روسي منذ لقاءات العاصمة موسكو قبل أشهر ما لم تقبل موسكو برحيل الرئيس الأسد كشرط مسبق قبل الحديث عن أية مفاوضات تمهد لمرحلة انتقالية لإنهاء الأزمة في هذا البلد الممزق بحرب أهلية منذ 22 شهرا وخلفت مصرع 60 ألف شخص. ويبدو أن تداعيات ما يجري في سوريا وانعكاساته الإقليمية فرض على موسكووواشنطن والمعارضة السورية أن تتحرك بقوة هذه المرة بمناسبة ندوة برلين ليطرح الجميع هذا المأزق على طاولة التفاوض لإنهاء الخلافات حول مقاربة كل طرف لاحتواء هذه الأزمة.ويكون لقاء نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، على هامش ندوة العاصمة الألمانية فرضته تطورات الأحداث في اليومين الأخيرين ودفعت بواشنطنوموسكو إلى الأخذ بالتحذيرات التي ما انفك يوجهها المبعوث الدولي والعربي المشترك الأخضر الإبراهيمي حول تفكك الدولة السورية على محمل الجد لتفادي تحول ما يجري إلى حرب إقليمية يصعب التحكم فيها. وصدق حدس وتوقعات الإبراهيمي عندما قامت مقنبلات إسرائيلية بانتهاك المجال الجوي السوري وقيامها بتدمير مخبر علمي وموقع عسكري على الحدود الدولية ادعت حكومة الاحتلال أنه يحوي مخزونا للأسلحة الكيماوية السورية وصورايخ أرض-جو موجهة لحزب الله اللبناني. لكن هل تنجح واشنطنوموسكو في إنهاء خلافاتهما حول أزمة حملت المعارضة السورية القوى الدولية ومواقفها المتضاربة مسؤولية استدامتها كل هذه المدة بكل الخسائر البشرية والمادية التي خلفتها إلى حد الآن وتكاد تهوي بكل منطقة الشرق الأوسط في متاهة الفوضى الشاملة؟ وهو تساؤل يفرض نفسه في ظل تضارب مصالح العاصمتين في كيفية التعامل مع وضع دولة محورية في الحسابات الاستراتيجية في كل منطقة الشرق الأوسط. ووقع الشعب السوري بين مطرقة الموقف الأمريكي والعربي الداعي إلى رحيل الرئيس الأسد ضمن خطوة لتحقيق التغيير الديمقراطي المرجو وبين سندان موسكو التي رفضت وترفض كل فكرة لرحيله وتمسكت بموقفها المبدئي على أن الأسد يبقى طرفا في الحل وأن الجميع يجب أن يجلس إلى طاولة المفاوضات لإيجاد مقاربة يقبل بها الجميع من أجل حل انتقالي سلس. ولم يخف الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي الجمعة الماضية أمام مجلس الأمن تذمره من وضع طال، منتقدا مواقف القوى الكبرى وبين طرفي المعادلة السورية أنفسهم وقال إن ذلك يحول دون تحقيق أي تقدم على طريق التسوية النهائية. وهو ما يفسر ربما الرغبة الأمريكية والروسية لاحتواء الوضع في سياق تحركات دولية مكثفة فرضت نفسها على مشهدا سيمته الرئيسية دماء وأشلاء ودمار في كل مكان ووضع لم يعد يحتمل الخسائر البشرية والمادية التي خلفتها إلى حد الآن وتكاد تهوي بكل المنطقة في متاهة حرب لا تنتهي.