حذر الأخضر الإبراهيمي، الوسيط الدولي المشترك في الأزمة السورية، من أن البديل للعملية السياسية في سوريا سيكون ”الجحيم” في تأكيد واضح لدرجة تعفن الوضع الذي يتخبط فيه الشعب السوري، الذي وجد نفسه بين فكي كماشة قوات نظامية تقصف دون هوادة ومسلحين معارضين يشنون هجمات مسلحة في كل مكان ووقت. وجاءت تصريحات الدبلماسي الجزائري المحنك خلال زيارته، أمس، موسكو، التي وصل إليها قادما من دمشق التي زارها خلال الأسبوع الماضي على أمل إقناع الفرقاء السوريين بتبني الحوار كأفضل حل لاحتواء أزمة دامية تحصد يوميا المزيد من أرواح المدنيين العزل. وقال الإبراهيمي، بعد محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ”إذا كان البديل الوحيد هو إما الجحيم أو العملية السياسية فينبغي علينا جميعا أن نعمل دون توقف تجاه العملية السياسية”. وحملت تصريحات الإبراهيمي رسالة واضحة للدول الغربية المؤثرة على الأطراف السورية المتناحرة بضرورة ممارسة ضغوط جادة لإقناع الفرقاء السوريين سواء سلطة أو معارضة بالجلوس إلى طاولة الحوار. لكن وفي الوقت الذي يعمل فيه الإبراهيمي جاهدا لإقناع الفرقاء السوريين بتقديم تنازلات لفتح الباب أمام المسار السلمي، أكد وزير الخارجية الروسي أن بلاده لا تزال تؤمن بحل سياسي حتى وإن تمسك الرئيس بشار الأسد بالسلطة، بل وذهب لافروف إلى درجة التحذير من أنه من غير الممكن إقناع الرئيس الأسد بالتنحي عن الحكم، حيث قال إن ”الرئيس الأسد قال في عديد المناسبات علنا وسرا إنه ليست لديه أي نية في الذهاب إلى أي مكان وسيبقى في منصبه إلى آخر لحظة وليس ممكنا تغيير موقفه هذا”، لكنه -بالمقابل- أكد أنه ”من أولويات روسيا الأولى وقف العنف في سوريا والبدء في العملية السياسية، التي يجب أن تعمل على تشكيل هيئة انتقالية تقوم ببناء الدولة المستقبلية”. ودعا لافروف جميع الأطراف السورية إلى البدء في حوار لحل الأزمة الراهنة في البلاد، مؤكدا -في الوقت نفسه- دعم بلاده لمهمة الأخضر الإبراهيمي في سوريا، كما اعتبر أن ”رفض ائتلاف المعارضة السورية إجراء محادثات مع حكومة الرئيس بشار الأسد لن يزيد إلا من تفاقم الوضع”، مشيرا إلى أن الوضع في هذا البلد خطير للغاية ”مع تصاعد حدة الصراع وتزايد عدد القتلى من المدنيين بشكل مخيف. وأدلى رئيس الدبلوماسية الروسية بهذه التصريحات رغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد كان اعتبر -مؤخرا- أن عائلة الأسد تحكم البلاد منذ 40 سنة وأن تغييرات تبقى ضرورية دون أدنى شك. كما تشهد العاصمة الروسية في الفترة الأخيرة تحركات دبلوماسية مكثفة بلغت درجة توجيه دعوات للمعارضة السورية للتباحث مع المسؤولين الروس في أي مكان تريده، وهو ما أعطى الانطباع بأن موسكو الحليف التقليدي لدمشق في مجلس الأمن الدولي ربما تكون قد بدأت تحضر إلى مرحلة ما بعد الرئيس الأسد. لكن المعارضة السورية رفضت دعوة موسكو، بل وطالبها أحمد معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف السوري المعارض، بضرورة تقديم اعتذار للشعب السوري عن موقفها الداعم للنظام القائم في دمشق. وترفض المعارضة السورية الدخول في أية مفاوضات قبل رحيل نظام الرئيس بشار الأسد بما يبقي حظوظ الإبراهيمي ضئيلة إذا لم تكن منعدمة في إمكانية احتواء المعضلة السورية سلميا على الأقل في ظل المعطيات الراهنة.