أحصت القوات التشادية المشاركة في القوة الإفريقية في شمال مالي سقوط 13 عسكريا من قواتها في أول حصيلة قتلى تتكبدها هذه القوات ويتم الإعلان عنها منذ بدء عملية التدخل الفرنسي في هذا البلد في الحادي عشر جانفي الماضي. وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن عدد قتلى القوات المتحالفة ضد التنظيمات الإرهابية والتي بقيت قرابة شهرين منذ بدء التدخل الفرنسي طي الكتمان والتستر ربما من أجل عدم التأثير على معنويات هذه القوات وأيضا لأن المواجهة الحقيقية لم تنطلق بعد. وأكدت مصادر تشادية أن وحداتها قضت في المقابل على 65 متطرفا يعتقد أنهم من أتباع حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا في اشتباكات عنيفة دارت رحاها في جبال قبائل إيفوغاس في أقصى شمال شرق مالي. وتؤكد كل معطيات المعركة القادمة أن الحرب في مالي ستحسم في هذه المنطقة ونتائج معاركها ستحدد الخاسر والمنتصر على اعتبار أنها تحولت بفضل تضاريسها الصعبة معقلا لكل التنظيمات الإرهابية من التوحيد والجهاد إلى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى أنصار الدين التي اتخذت منها مراكز تدريب ومراكز لقيادة العمليات العسكرية في مالي. وأكدت مواجهات الأيام الأخيرة أن الحكم على عملية "سيرفال" بالنجاح والفشل سيتحدد في هذه المنطقة على اعتبار أنه كلما تقدمت القوات الإفريقية باتجاه معاقل هذه التنظيمات، كلما وجد عناصرها أنفسهم مرغمين على المواجهة العسكرية من منطلق أن الأمر سيصبح مسألة بقاء أو اندثار. وإذا كانت هذه التنظيمات قد انسحبت من مدن غاو وكيدال وتومبوكتو تكتيكيا فإنها تدرك جيدا أن ساعة الحسم قادمة لا محالة إذا ما اعتبرنا أن الهدف النهائي من التدخل الفرنسي هو سحقها وبالتالي يتعين على مقاتليها الدفاع عن أنفسهم ولا خيار لهم سوى المواجهة المفتوحة. وهو ما يفسر المعارك التي اندلعت صباح أمس بين مقاتلي حركة تحرير الأزواد الانفصالية التي أعلنت دعمها للقوات الفرنسية ومقاتلين عن حركة التوحيد والجهاد في منطقة جبال إيفوغاس. والمفارقة أن اندلاع هذه المعارك وضراوتها جاءت في نفس الفترة التي قررت فيها وزارة الدفاع الفرنسية الشروع في سحب قواتها بصفة تدريجية، مما يوحي أنها كانت تدرك أن عملية إعادة بسط السيطرة على محافظات كيدال وغاو وتومبوكتو أشبه بعملية تدريب روتيني وأن المعركة الحقيقية لم يحن موعدها إلا بعد أن يضيق الخناق على الجماعات المسلحة في معاقلها الحقيقية في منطقة إيفوغاس. وعندما وضعت فرنسا شعار "صفر ضحية" بالنسبة لعناصر قواتها في هذه العملية التي تحولت إلى حرب حقيقية تكون قد ضبطت خطتها على تأمين المدن المذكورة وتركت عبء المواجهة الفعلية للقوات الإفريقية. وأكدت مصادر عسكرية مالية وإفريقية أن معارك طاحنة تشهدها عين خليل التابعة إقليميا لمدينة تيساليت (أقصى شمال شرق البلاد) والتي تحولت إلى ساحة معارك حقيقية بين مقاتلي حركة تحرير الأزواد والتنظيمات الإرهابية مباشرة بعد عملية التفجير الانتحاري بسيارة ملغمة، والذي استهدف صباح الجمعة موقعا لحركة تحرير الأزواد الترقية التي انضمت إلى جانب القوات المالية والفرنسية. وجاء الكشف عن هذه الحصيلة في الوقت الذي اعترفت فيه فرنسا ولأول مرة بمقتل أحد جنودها في منطقة أدرار إيفوغاس الثلاثاء الماضي خلال عملية استهدفت تدمير مراكز لتخزين الذخيرة لتنظيم الجهاد والتوحيد وقتلها لحوالي 20 إرهابيا حاولوا التسلل إلى مدينة غاو عبر نهر النيجر لتنفيذ عمليات عسكرية ضد القوات الفرنسية والمالية.