أوضح رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أن انعقاد المؤتمر الرابع لمنظمة المرأة العربية بحجمه وبعنوانه "يشكل اعترافا لاشك فيه بأن المقاولة النسائية أصبحت حقيقة اقتصادية ينبغي أخذها بعين الاعتبار في مسار البناء الاقتصادي وفي نقل المرأة إلى أداء أدوار أخرى في الحياة الوطنية والعربية تتميز بالفعالية والتحدي والابداع". معترفا بأن الوضع الراهن هو نتاج سنوات من الكفاح الذي خاضته المرأة في "مجتمعات شبه مغلقة". وشدد على ضرورة وضع استراتيجية المقاولة وريادة الأعمال النسائية ضمن متطلبات التحولات الكبرى الحاصلة على النطاق العربي والعالمي. وأكد الرئيس بوتفليقة في رسالته إلى أشغال المؤتمر الذي افتتح أمس بقصر المؤتمرات في الجزائر، والتي قرأها نيابة عنه مستشاره الخاص السيد محمد علي بوغازي أن رفع شعار المؤتمر الذي خصص للمقاولة النسوية بالجزائر ليس غريبا باعتبار أنها "سعت وما تنفك تسعى لأن تكون سباقة في أن تستعيد المرأة مكانتها ودورها الريادي في المجتمع على كافة الجبهات والصعد". ولفت الرئيس في كلمته إلى الوضع الصعب الذي تعيشه المرأة العربية كما تشير إليه تقارير مختلفة، خاصا بالذكر ماجاء في تقرير التنمية الانسانية العربية لسنة 2009 الذي أشار إلى أن "معدل الإناث في النشاط الاقتصادي بالدول العربية لا يمثل سوى 26.7 %"، وكذا تقرير سنة 2005 الذي جاء تحت عنوان "نحو نهوض المرأة في الوطن العربي" والذي "رسم صورة قاتمة عن وضع المرأة الاقتصادي في المنطقة بسبب ضيق سوق العمل وبطء إنشاء فرص للعمل جديدة والتفضيل الاجتماعي غير المستند لأسباب موضوعية بينهن وبين الرجال عند توفر فرص العمل". وهي الصعوبات التي تطرقت إليها المؤتمرات السابقة لمنظمة المرأة العربية-كما جاء في الرسالة- التي تم فيها التذكير بمختلف التوصيات التي خرجت بها هذه المؤتمرات لدعم المرأة اقتصاديا. إلا أنه عبر عن اقتناعه بإمكانية تخطي المعوقات التي تمنع إدماج المرأة في المجال الاقتصادي قائلا "لم يعد من العسير اليوم الحديث عن إمكانية تخطي النساء العربيات لما واجهنه من صعاب وعراقيل في العقود الماضية بما يملكنه من إرادة وقدرة على المثابرة واستمرارية في العمل". مضيفا "أن المتغيرات التي حصلت منذ تلك الفترة أكدت الإشارة الإيجابية الأساس التي جاء بها التقرير المتعلقة بازدياد النساء صاحبات الأعمال كما أكدت الدور الذي لعبته السياسات الاقتصادية المعدة تجاه تمكين المرأة والتي تضافرت بشأنها الجهود ومنها جهود منظمة المرأة العربية". وشدد رئيس الجمهورية على أن منهجية العمل "اتضحت بشكل جلي لتجاوز هذا الواقع وتصحيح مساره من خلال الحرص على القيام بدراسات مسحية لإدراك مواقع الخلل سواء تعلق بالتوزيع الجغرافي للمشاريع في كل بلد أو مدى إنجازها وطبيعة الجهة المنفذة والجهة الممولة وكذا الفئات النسائية المستهدفة من المشاريع". وذكر أن الأبحاث والدارسات المسحية التي تضمنها التقرير الاقليمي للمنظمة أظهرت أن المشاريع النسائية العربية توزعت على 4 مجالات رئيسة هي الخدمات ب42.6 % والصناعة ب22.2 % والزراعة ب18.1 % وباقي المشاريع ب17.2 % كما أن دورية هذه المشاريع اختلفت من بلد إلى آخر، وإن كانت إجمالا متكررة بنسبة 48.6 % مع نسب متفاوتة بين البلدان والقطاعات المختلفة. أما في بلادنا، فإن رئيس الجمهورية عاد إلى أهم التدابير التي تم اتخاذها في مسعى تمكين المرأة اقتصاديا، وقال: إن الجزائر "جندت كل الوسائل وقامت بكل التدابير لأجل ان تستكمل مسار النهوض بالمرأة وتبوئها المكانة اللائقة بها على الصعيد السياسي والاقتصادي على حد سواء. فقد جاءت القوانين لتعطي ثمارها بأن رفعت من مشاركة المرأة في الحياة السياسية بنسبة 31.81 % في المجلس الشعبي الوطني في الانتخابات التشريعية الأخيرة سنة 2012. كما سمحت البرامج والآليات التي وضعتها الدولة لتسهيل ولوج المرأة للمقاولة النسوية وتشجيعها عل العمل والانتاج والاستثمار في كافة القطاعات بإنشاء 2.951 مؤسسة مصغرة من طرف النساء بدعم من (الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب) سنة 2011 وتم في إطار القروض المصغرة تمويل 451.608 مشاريع الى غاية نهاية 2012 منها 273.504 مشاريع لفائدة النساء وهو ما يمثل نسبة 61 %". وهو ما جعل الرئيس بوتفليقة يشير إلى أن نجاح المرأة العربية في ميادين كانت مقتصرة على الرجال "رسالة قوية بلا شك لكل أنحاء العالم على الآفاق الواعدة التي بدأ مصير النساء العربيات ينفتح عليها". ونبه إلى أنه على النساء العربيات ألا يكتفين بما تحقق من نجاح "بل أن يعملن لتسود روح المقاولة النسائية مجتمعاتنا وتصبح كصيرورة تحول الفرص المتاحة إلى إنتاج سلع وخدمات وإطلاق أعمال وكاستراتيجية ورؤية مستقبلية لمجتمعاتنا تسعى لان يكتمل الدور الذي يقوم به النساء والرجال في تحقيق التنمية الشاملة في بلداننا". من جهتها، أكدت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، السيدة سعاد بن جاب الله، على ضرورة تفعيل دور المرأة العربية في المجال الاقتصادي لرفع التحديات التي تمر بها المنطقة وتحقيق التنمية المستدامة. وأضافت أنه "لم يعد من الممكن الاستغناء عن دور المرأة كمنتجة حقيقية ومقاولة وسيدة أعمال خاصة بعد أن فرضت وجودها في أكثر من تخصص ومجال وانتقلت إلى قطاعات رائدة لها علاقة بالتكنولوجيا الجديدة واقتصاديات مجتمع المعرفة". ودعت المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، السيدة ودودة بدران، كذلك إلى دعم ومساندة المرأة العربية في القيام بدورها والاسهام في الاقتصاد العربي باعتبارها "صاحبة مبادرة"، مشيرة إلى العديد من العوائق التي تواجهها المرأة في مجال ريادة العمل الخاص، أهمها البيئة الثقافية غير المواتية والتوزيع النمطي للأدوار بين الجنسين في المجتمع. وعرفت جلسة افتتاح المؤتمر تدخل ممثلات الوفود العربية المشاركة ابتداء من حرم الرئيس السوداني، السيدة فاطمة وداد ابوبكر، التي ستتولى بلادها رئاسة منظمة المرأة العربية هذا العام خلفا للجزائر، والتي ركزت على أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة وانعكاساته الايجابية على الأسرة والمجتمع، لاسيما عبر خفض نسبة البطالة التي تعاني منها المرأة بالدرجة الأولى. وهو مايتطلب –كما قالت- إزالة الصعاب لاسيما تسهيل الاستفادة من التمويل وتكنولوجيات الاتصال. من جانبها، طالبت الشيخة لطيفة فهد السالم الصباح رئيسة وفد الكويت باستحداث لجنة لحقوق المرأة العربية يكون عملها ميدانيا بإشراك المجتمع المدني، مع توفير البيئة المناسبة للتمكين الاقتصادي للمرأة. واعتبرت رئيسة الوفد الأردني، السيدة ليلى شرف، أن المقاولة النسوية تساهم في مكافحة معدل البطالة في العالم العربي الذي يعد الأكبر عالميا. أما رئيسة الوفد التونسي، السيدة سهام بادي، فحذرت من المساس بالمكتسبات التي حققتها المرأة العربية "بقلتها" وذلك من طرف "الساسة الجدد" على حد تعبيرها. وقالت إن التحولات التي تشهدها المنطقة العربية "تثير التخوف"، داعية منظمة المرأة العربية إلى العمل في المرحلة القادمة للحفاظ على هذه المكتسبات وأن يكون لها وجود فعلي وبصمة وأداء يحمي المرأة.