سجل المنتدى التاسع من اجل الشراكة مع إفريقيا في ختام أشغاله أمس، التطور الإيجابي الذي تعرفه القارة بفضل تطبيق مبادرة الشراكة الجديدة للتنمية في إفريقيا "نيباد"، والتي ساهمت حسبما جاء في خلاصة نتائج المنتدى في ترقية الممارسة الديمقراطية وتقليص النزاعات واحترام مبادئ حقوق الإنسان، وسمحت بتطبيق إصلاحات اقتصادية انعكست نتائجها في تحسن مستوى النمو في العديد من الدول الإفريقية. وحدد ممثلو الدول الإفريقية وشركاؤهم من الدول المتقدمة وهيئات التمويل الدولية، بعد النقاشات التي دارت في أشغال منتدى الجزائر حول موضوعين فرعيين شمل الأول "الحكم في التنمية" والثاني " شراكة من اجل التنمية"، جملة من التوصيات موجهة بشكل أساسي إلى دعم مسار الشراكة الجديدة التي خطط لها في إطار النيباد، وأتت أكلها في العديد من المجالات السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية· واستهلت التوصيات المتعلقة بالموضوع الأول للمنتدى بالإشادة بالآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وعملها الذي يعبر بحق عن الإرادة الراسخة لبلدان إفريقيا على أخذ زمام الأمور وتحمل مسؤولياتهم كاملة في ترقية الحكم الراشد، مع دعوة الدول الإفريقية التي لم تنظم بعد إلى هذه الآلية إلى الانخراط فيها والإسهام في تفعيل أدائها، ودعوة الشركاء من الدول المتقدمة من جانب آخر إلى تقديم الدعم اللازم لهذه الآلية، من أجل تعزيز مسار التقييم الذاتي وتنفيذ برامج العمل الوطنية ودعم هيئات الإتحاد الإفريقي· وفيما أشاد المنتدى بتقلص النزاعات المسلحة، وبتنصيب المؤسسات الإفريقية المكلفة بحفظ الأمن والسلم بالقارة، بما فيها التحضير للقوة الاحتياطية في إفريقيا، دعا الشركاء في التنمية إلى وضع آليات تمويل مضبوطة ومرنة تعمل على دعم عمليات حفظ السلام، وطالب المشاركون بإدراج هذه النقطة للنقاش في جدول أعمال الاجتماع القادم بين الإتحاد الإفريقي ومجموعة الثماني· وفي المحور الخاص بالحكم الاقتصادي ناشد المشاركون الحكومات الإفريقية التي لم تصادق على اتفاقية الإتحاد الإفريقي لمكافحة الفساد والرشوة إلى المصادقة عليها وتفعيلها بالتعاون مع الهيئات الإقليمية والجهوية والدولية· وتبعا للنقاش الذي دار حول موضوع الشراكة من أجل التنمية، أوصى المشاركون في المنتدى بضرورة مواصلة الشركاء لدعمه لدول القارة في مجال تنفيذ البرامج الإصلاحية، مسجلين في السياق نفسه ضرورة تنفيذ الشركاء لالتزاماتهم من أجل تسريع وتيرة النمو باتجاه تحقيق أهداف الألفية، وعمل الدول الإفريقية من جهتهم على تحسين مستوى تسيير المالية العمومية· ودعا المنتدى في سياق متصل شركاء القارة إلى تنفيذ تعهداتهم برفع المساعدات من أجل التنمية في إفريقيا ب25 مليار دولار إلى غضون 2010، مطالبا دول القارة بالعمل من جهته على ترقية الإنتاج والتنافسية الاقتصادية، مذكرا من جانب آخر منظمة التجارة العالمية بالتزاماتها بتسهيل دخول منتجات البلدان الناشئة إلى الأسواق العالمية، طبقا لما أقره اجتماع المنظمة في 2005 بهونكونغ· التوصيات أثارت أيضا ضرورة تكثيف الاستثمارات الموجهة لقطاع البنى التحتية في دول افريقيا، مشيرة إلى أهمية مرافقة المشاريع من قبل الدول الشريكة لإفريقيا من خلال المجمع الإفريقي للهياكل القاعدية· كما دعا المشاركون إلى ضرورة مرافقة استراتيجية النيباد لترقية القطاع الفلاحي في بلدان القارة من خلال إنشاء صندوق الاستثمار لدعم البرنامج الشامل للتنمية الفلاحية في افريقيا· وفي الأخير أشارت توصيات المنتدى إلى ضرورة إدماج البرامج والمخططات الهادفة إلى الحد من خطورة التغيرات المناخية ضمن السياسات الوطنية للتسيير الاقتصادي المنتهجة على الصعيدين الوطني والجهوي· وتجدر الإشارة إلى أن النقاش الذي جمع ممثلو الدول الافريقية والبلدان المتطورة خلال هذا المنتدى أبرز أهمية مراجعة بنود الشراكة التي تجمع الجانبين، واقترح المشاركون إجراءات في مجال تقديم المساعدات المالية والإعانات وتسوية الديون ومن أجل تجارة عالمية أكثر إنصافا· وفي مداخلته خلال النقاش العام أثار الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل، مسألة التأخر الذي قد تعانيه إفريقيا في مجال مسار بلوغ أهداف الألفية في حال غياب النجاعة وعدم مراعاة جملة من الإجراءات، من ضمنها ضرورة رفع مستوى الدعم العمومي للتنمية، حيث لازال المستوى لحد الآن بعيد عن المطلوب (0,7 بالمائة من الدخل القومي الخام)، تسهيل استفادة الدول الإفريقية من آليات الدعم المشجعة، ودخول منتجاتها إلى أسواق الدول المتقدمة، تسريع مسار المفاوضات التجارية للدوحة، رفع مستوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة وكذا دعم التنمية الزراعية في دول القارة من خلال الصندوق الذي يرتقب انشاؤه على مستوى البنك الإفريقي للتنمية· وكان الوزير قد أكد في مداخلاته خلال اليوم الأول أن انسداد جولة الدوحة من أجل تحرير التجارة الدولية في إطار منظمة التجارة العالمية يضر بكل القطاع الفلاحي الإفريقي، وعلى وجه الخصوص منتجي القطن الإفريقيين الذين يشهدون تفاقما لوضعيتهم الهشة· وأوضح الوزير أن البلدان الغنية بإبقائها الدعم على القطن قلصت أفاق تصدير المواد الفلاحية الإفريقية وحدت من قدرات الإنتاج وتراكم هذه المواد الأساسية بالقارة· وأشار السيد مساهل من جانب آخر إلى أن افريقيا أضحت واعية بمدى أهمية قدراتها وضرورة التعجيل في الحصول على الوسائل المناسبة لاستغلالها خدمة لسكانها، معتبرا أن هذا الوعي ترجم، من خلال نظرة جديدة للتنمية وللتنظيم السياسي والمؤسساتي والاقتصادي في البلدان الافريقية· وذكر الوزير في هذا السياق بتراجع عدد النزاعات المسلحة من ثلاثة عشر إلى ثلاثة في الوقت الحالي، نجدها في السودان والصومال والصحراء الغربية، مشيرا إلى أن هذه النزاعات تؤطرها بشكل كاف مبادرات افريقية ودولية من أجل تسهيل إيجاد حل لها· كما أكد أن إفريقيا يحدوها في خضم الصياغة الجديدة للعلاقات السياسية والاقتصادية الأمل في أن تصبح عنصرا فاعلا وليس مجرد تابع سلبي، وذلك بالنظر إلى التقدم النوعي لانشغالات القارة في ميدان التنمية وكذا تلك الخاصة بالسكان في بحثهم المشروع عن الرفاهية والتقدم· وتطرق الوزير للآلية الافريقية للتقييم من قبل النظراء التي كرّست في إطار النيباد، مشيرا إلى أن هذه الآلية أبرزت مدى جدواها في ترقية الحكم الراشد، وسمحت للبلدان التي انضمت إلى هذا المسار الخاص بالتقييم الذاتي بالتعرف على واقعها بشكل أفضل وإدراك مكامن قوتها والإحاطة بالتحديات الواجب رفعها عن قرب وتحديد البرامج المناسبة الواجب تنفيذها· وخلص السيد مساهل إلى تأكيد عزم افريقيا على تعزيز الطابع الإفريقي المحض لهذه الآلية من خلال تحسين أدائها وتحصينها من أي استعمال سياسوي أو من كل محاولة استغلال داخلية أو خارجية· *