كشفت مديرة صندوق النقد الدولي، السيدة كريستين لاغارد، أن السلطات الجزائرية طلبت من الهيئة إعداد دراسة حول النظام المصرفي والبنكي في الجزائر. وحيت التسيير الحذر والحكيم للموارد المالية من طرف بنك الجزائر في سياق مالي عالمي عاصف بفعل الأزمة. بالمقابل طالبت الحكومة بمقاومة أي توجه نحو رفع النفقات العمومية، لاسيما الزيادة في الأجور التي قالت إنها يجب أن تكون متوازنة مع مستوى الانتاجية، بغرض التحكم في نسبة التضخم. وإدراكا منها لحساسية المسألة لاسيما في الظرف الراهن، حيث تتوالى المطالب الاجتماعية في الجزائر لتحسين مستوى المعيشة، أوضحت لاغارد أنها لا تدعو إلى ”تطبيق سياسة تقشفية” لكن إلى ”تحقيق التوازن بين رفع الانتاجية وتكلفة العمل”. كما دعت إلى إحداث ليونة في قانون العمل من أجل إزالة العوائق التي تقف في وجه القطاع الخاص، مع ”حماية الاجراء”، إلا أنها شددت على أن يتم كل ذلك عبر مفاوضات مع النقابات. كما اعتبرت مسؤولة الأفامي في محاضرة ألقتها أول أمس بإقامة الميثاق تحت عنوان ”التنمية والتحديات الاقتصادية على المستوى العالمي والجهوي وفي الجزائر”، أن التحويلات الاجتماعية في الجزائر ”كبيرة جدا” ومنها التحويلات الضمنية التي تمثل 12 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. ولذلك جددت دعوتها إلى تحديد الفئات المستهدفة من التحويلات لتخفيض قيمتها قائلة ”إن دعم سعر البنزين مثلا يستفيد منه أناس غير محتاجين، يملكون أحيانا أسطولا من السيارات... لذا يجب الانتباه إلى استهداف الفئات الهشة الحقيقية”. وهو مايتم -حسبها- عبر إعادة توجيه سياسة التحويلات الاجتماعية أي ”إعادة تقويم الدعم”. إلا أنها أكدت هنا على ضرورة أن يتم ذلك ”في إطار أوضاع هادئة”، معترفة أن الأمور ليست سهلة وأن بعض الدول فشلت في تحقيق ذلك. وإذ اعتبرت أن الاستقرار الماكرو اقتصادي ”هام جدا”، فإن لاغارد شددت على ضرورة القيام بإصلاحات من أجل تسهيل إنشاء المؤسسات وبالتالي خلق مناصب عمل لا يساهم فيها قطاع المحروقات -الذي تعتمد عليه الجزائر بنسبة 98 بالمائة- إلا في حدود ال2 بالمائة.واستغربت مسؤولة الافامي من العوائق البيروقراطية التي تقف أمام تطوير التجارة الخارجية، مشيرة إلى أن المحادثات التي جمعتها بالوزير الأول السيد عبد المالك سلال مكنتها من التعرف عليها عن قرب، ضاربة مثالا بمطالبة المستوردين بتقديم أربعة ملفات كل واحد منها يحوي 18 وثيقة لأربع إدارات مختلفة. لاغارد شددت على أهمية تحسين بيئة الاستثمار في الجزائر، وحيت قرار الوزير الأول بخلق شباك وحيد لتسهيل التجارة الخارجية منتصف افريل المقبل، رغم اقتناعها أنه من الصعب تحقيق ذلك في هذه المدة القصيرة. وقالت في السياق إن الاجراءات التي يتحدث عنها الافامي في إطار وصفته الجاهزة لتحقيق الازدهار الاقتصادي تتطلب وقتا لتجسيدها ”لكن يجب البدء في هذا المسار”.