أكد وزير الخارجية، السيد مراد مدلسي، أن الدبلوماسية الجزائرية لا تدخر جهدا في سبيل الإسهام النزيه والجوهري في القضايا الكبرى التي تستوقف المجموعة الأممية، سواء كانت سياسية، اقتصادية، بيئية أو أمنية شاملة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن مكافحة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة تكتسي أولوية مطلقة بالنسبة للجميع. وقال السيد مدلسي، أمس، في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح معرض الدبلوماسية بقصر الأمم تحت عنوان "خمسون سنة للدبلوماسية الجزائرية: ذاكرة وإنجازات" الذي يدوم إلى غاية 23 مارس الجاري، أن "هذه الدبلوماسية كانت مثالية وإسهامها حاسما في مجهود شعبنا لاستعادة سيادته الوطنية". مضيفا في هذا السياق أنه "منذ السنوات الأولى للاستقلال واصلت عملها بتقديم دعمها المستمر لحق تقرير مصير الشعوب المستعمرة، وضد نظام التمييز العنصري كما عملت على الساحة الدولية على إرساء المثل العليا للسلم والعدل والحرية وبروز علاقات أكثر إنصافا". وأكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية في هذا المعرض الذي يجري تحت رعاية رئيس الجمهورية وحضره وزراء من الحكومة والسلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر إلى جانب شخصيات وطنية، أن عمل الدبلوماسية الجزائرية متواصل من خلال الالتزام بترقية السلم والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، مشيرا إلى أن هذه القيم المبنية على التضامن ومساندة القضايا العادلة هي التي أسست مبادئ سياسة الجزائر الخارجية التي من معالمها الأساسية احترام السيادة الوطنية والوحدة والسلامة الترابية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. دوليا، عبر السيد مدلسي عن اعتزاز الجزائر بوفائها لنفس المبادئ والقيم، مضيفا أنها تعمل من هذا المنطلق من أجل دمقرطة أكبر لهذه الهيئات الدولية، مستدلا في هذا الصدد بما تقوم به على مستوى الاتحاد الإفريقي سليل منظمة الوحدة الإفريقية، في الوقت الذي يتم فيه الاستعداد للاحتفال بخمسينية ميلادها شهر ماي القادم. وعلى هذا الأساس، قال الوزير إن مساهمة الدبلوماسية الجزائرية في جهود تنمية القارة الإفريقية تتبلور من خلال العلاقات المتينة التي تربط الجزائر بكافة البلدان الإفريقية وكذا من خلال الإسهام الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة باعتباره من مؤسسي الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا ومبادرة النيباد والآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء. مضيفا أن "عملنا يبنى ضمن جامعة الدول العربية على نفس روح التضامن موجه نحو تحقيق الطموحات المشروعة للشعوب العربية وعلى رأسها استقلال فلسطين وعاصمتها القدس". وإذ أكد اعتزاز الجزائر بتواجدها الواسع في البلدان الشقيقة والصديقة واحتضانها للعديد من السفارات والقنصليات، فقد أشاد رئيس الدبلوماسية الجزائرية بنوعية العلاقات التي "تربطنا بهؤلاء الشركاء" "معربا عن إرادة الجزائر في تعزيز التعاون الثنائي مع دعوة هؤلاء الشركاء لاستكشاف كافة إمكانيات الشراكة ذات المنفعة المتبادلة. وفي سياق حديثه عن التغطية القنصلية، أكد السيد مدلسي حرص الدولة على التكفل بانشغالات الجالية الوطنية بالخارج. مؤكدا على تسخير كافة الوسائل "لتيسير أحسن تفاعل بين جاليتنا والوطن الأم". وبالعودة إلى الأبعاد التاريخية التي يحملها المعرض، أوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن اختيار تاريخ 18 مارس لانطلاقه ليس صدفة لأنه يصادف يوم توقيع اتفاقيات ايفيان التي كرست عن طريق المفاوضات ما سبق للثورة الجزائرية تحقيقه بتضحيات جسام، مضيفا "أن أول ما تتوجه إليه أفكارنا هو استرجاع مآثر من ساهموا في استعادة سيادة الدولة الجزائرية"، ذاكرا في هذا الصدد أرواح الشهداء و«الذين قضوا نحبهم أثناء تأدية واجبهم، حيث كانوا مثالا لإنكار الذات والالتزام المطلق لوطنهم وسيظلون مصدر إلهام للأجيال التي ستخدم بلادنا في الحقل الدبلوماسي". كما أشار إلى أن هذا المعرض لا يرمي إلى استعراض كافة أوجه إنجازات الدبلوماسية الجزائرية، بقدر ما يهدف إلى عرض بعض المعالم الأساسية، انطلاقا من أن "المسار الذي حاولنا رسمه هو بمثابة دعوة لمعايشة بعض المراحل الفارقة للدبلوماسية الجزائرية التي يحسن التذكير بأنها وليدة حرب التحرير الوطنية، قبل أن تواكب المجهود الوطني لإعادة البناء والتشييد"، مشيرا إلى أن النشاط السياسي والعمل الدبلوماسي اللذين خاضهما رجال ونساء سمح "لثورتنا بأن تستفيد من دعم معنوي ومادي واسع واعتراف بشرعية كفاح الشعب الجزائري على الساحة الدولية".
كل الجهود مبذولة لعودة الدبلوماسيين المحتجزين سالمين من جهة أخرى، جدد الوزير تضامنه مع الدبلوماسيين المحتجزين كرهائن للجماعات الإرهابية، مؤكدا لعائلاتهم وأسرة وزارة الخارجية والشعب الجزائري أن كل المجهودات مبذولة من طرف الدولة لضمان عودتهم سالمين معافين. وقد طاف السيد مدلسي الذي كان مرفوقا بكاتب الدولة لدى وزير الخارجية، مكلف بالجالية الوطنية بالخارج، السيد بلقاسم ساحلي، إضافة إلى بعض وزراء الحكومة وأعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، بأجنحة المعرض الذي ضم صورا ومقالات عن إنجازات الدبلوماسية الجزائرية أثناء الثورة وبعد الاستقلال.