أهم ما يميز الأجواء بمنطقة القبائل خلال موسم الربيع هو خروج النساء جماعات لجلب الماء من الينابيع الطبيعية، حيث يحملن ما يسمى ”اساقوم”، وهو عبارة عن برميل مصنوع من الفخار يُجلب به الماء من المنبع، ويحبَّذ استعماله لكونه حافظا لبرودة الماء لمدة أطول. وتقول نا فاطيمة من قرية أمعنصران، إن سكان هذه القرية بمجرد بلوغ الطفلة سن ال 10، يُشرع في تعليمها عادات وتقاليد المنطقة؛ إذ تتهيأ لبيتها الزوجي. كما تحبّذ الكثير من النساء القرويات التوجه جماعات إلى المنبع لغسل الملابس ونشرها حتى تجف، ليعدن أدراجهن في الفترة المسائية لجلبها. ورغم مرور السنين حرص سكان القرى على الاعتناء بالينابيع الطبيعة؛ من خلال حمايتها وبرمجة أشغال تهيئتها وترميم بعضها، وإعادة بناء بعضها الآخر من أجل ضمان بقائها، كما أنهم يلجأون إليها في حالة غياب ماء الحنفيات، خاصة في فصل الصيف، حيث تُعد الباب الوحيد أمام ندرة الماء الشروب. المتجول بمختلف قرى الولاية وحتى مدنها سيلاحظ وجود الينابيع الطبيعية بأشكال مختلفة، تعود أغلبها إلى عهود غابرة، منها ما يتوزع على حواف الطرق وأخرى داخل القرى، ونجد على سبيل المثال منابع تعرف إقبالا كبيرا للسكان؛ نظر لأهميتها ومنافعها، ومنها منبع ”العين الباردة” القريبة من مستشفى مدينة اعزازڤة، والذي أصبح يُعتمد عليه لتلبية احتياجات هذه المؤسسة من الماء، وكذا منبع تيزي نتغيذات الذي يُستعمل كدواء للمصابين بالعجز الكلوي، حيث ينصح الأطباء بشرب مائه نظرا لمنافعه، إلى جانب منبع مقام الوالي الصالح محند أولحوسين، الذي يُستعمل في الأعراس بكثرة؛ كونه يحمي أهل العرس من عين الحسود والسحر، حيث كان أهل العرس ومع قدوم الحفل، يتوجهون إلى المقام لإحضار الماء واستعماله في الطبخ، لرش كل أرجاء المنزل وحتى لاغتسال العروسين.