عرفت الأزمة في شبه الجزيرة الكورية، أمس، درجة تصعيد أخرى وأصبحت تنذر بحرب محتملة، على خلفية قرار الرئيس الكوري الشمالي، بالمصادقة على خطة لإطلاق صواريخ باليستية على أهداف في الجارة الجنوبية وحتى الولاياتالمتحدة. وتتفاعل علاقات الأختين العدوتين في شبه الجزيرة الكورية، على معادلة الرد ورد الفعل، على خلفية كل تصرف يبديه الأول تجاه الآخر وبعلاقة متعدية مع الموقف الأمريكي الذي يستغل علاقاته مع سيول، من أجل تشديد سياسة التضييق العسكري على بيونغ يونغ. وجاء قرار الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ اون، أمس، بتصعيد الموقف ووضع قوات بلاده في حالة تأهب قصوى، وانتظار أول إشارة منه لتنفيذ أوامره العسكرية، ردا على إرسال الولاياتالمتحدة مقنبلات إستراتيجية من طراز “بي 2” للتحليق في الأجواء الكورية الشمالية. وهو ما اعتبرته بيونغ يونغ بمثابة إعلان حرب عليها، مما استدعى منها اتخاذ قرار أكثر حزما لإظهار استعدادها للحرب، في إطار تهديدات ردعية ما انفكت تتصاعد في المنطقة. وقد استدعت الحادثة اجتماعا طارئا لمجلس الأمن القومي الكوري الشمالي، فجر أمس، حيث أعطى موافقته على خطة عسكرية تقضي بقصف الغرب الأمريكي وجزر غوام وهاواي، وقواعد عسكرية في المحيط الهادي، بالإضافة إلى كوريا الجنوبية. وفهمت السلطات في كوريا الشمالية، أن جهر الولاياتالمتحدة بتحليق طائرات من طراز “بي 2” يعد إعلان حرب عليها، وخاصة أنّ واشنطن عادة ما تتكتم على تحركات هذه الطائرات “الشبح”، إلا عند الضرورة القصوى كونها تدخل في إطار حروبها السرية. يذكر، أن قرار الولاياتالمتحدة إرسال لطائراتها الشبح من طراز” بي 2”، الإستراتيجية القادرة على حمل قنابل ذرية، كان اتخذ في سياق قرار كوري شمالي بشن هجوم صاروخي استباقي على الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية. وتعيش شبه الجزيرة الكورية أجواء حرب باردة متجددة، أعادت إلى الأذهان إستراتيجية الردع التي انتهجها المعسكران الشيوعي والرأسمالي في عز الحرب البادرة، التي عاشها العالم طيلة خمسة عقود من القرن الماضي. ورغم أن عديد المختصين في المجال العسكري وتكتيكات الحرب، أكدوا أنّ تهديدات بيونغ يونغ لا تعدو أن تكون استعراضا للعضلات ضمن حرب نفسية على الجارة الجنوبية، وبقناعة أن الجيش الكوري الشمالي لا يتملك التكنولوجيا التي تؤهله لضرب أهداف بعيدة في المحيط الهادي أو الغرب الأمريكي. ورغم ذلك، فإنّ عواصم دول منطقة جنوب شرق آسيا تعيش حالة من الترقب والخوف من أي انزلاق عسكري محتمل، على اعتبار أن فتيل الحرب مهيأ للاشتعال في أية لحظة بن الجارتين الكوريتين.