يطالب خبراء في الصحة، الهيئات المعنية، بالتفكير الجدي، في إدراج النشاط البدني لدقائق كل صباح قبيل الدخول للأقسام، إضافة إلى إدراج مناهج التربية الغذائية الصحية والصحيحة في المقررات الدراسية، وكذا الاهتمام بالرياضة المدرسية وتفعيلها، وهذا بهدف خلق أجيال تهتم بالرياضة من جهة وسليمة من جهة أخرى. يزداد تأكيد المختصين على ممارسة الأنشطة البدنية كنوع من وسائل الوقاية والعلاج من الأمراض المرتبطة بقلة الحركة، موضحين أن للرياضة كذلك تأثيرا إيجابيا كبيرا للحد من الأمراض النفسية كالاكتئاب والتوتر والقلق الناتجة عن ضغوط الحياة اليومية في ظل التقدم التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم. ويرجع هذا الاهتمام إلى نتائج الدراسات التي تفيد بأن أغلب فئات المجتمع لا تمارس قدرا كافيا من النشاط البدني حفاظا على الصحة لأسباب متعددة، منها قلة حركة الأفراد واعتمادهم على السيارة للتنقل، أو حتى بسبب استخدامهم للتقنيات التكنولوجية الحديثة التي تكفل لهم الراحة في مجال العمل أو في المنزل دون الحاجة إلى الحركة، بالمقابل ترتفع نسب المصابين بالسمنة والبدانة لدى الجنسين، بل وحتى وسط الأطفال، وما يزيد الأمور تعقيدا الاعتماد على نمط غذائي خاطئ وغير صحي، ما يحفز إصابة الفرد بمجتمعنا بفرط الوزن الذي تنجر عنه مخاطر صحية عديدة، منها السكري، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكولسترول والأمراض القلبية، وهو ما دفع بخبراء الصحة ضمن لقاء تحسيسي بمناسبة إحياء اليوم العالمي للصحة، إلى لفت انتباه السلطات المعنية إلى التعجيل بإنشاء هياكل رياضية تسمح للمواطنين بممارسة الرياضة. وتُغيّب الأنشطة البدنية عن أذهان المواطنين في مجتمعنا لأسباب مفتعلة في الغالب، فالاعتقاد بانعدام الوقت أو التحجج بسلامة الجسم وحتى بعد الهياكل الرياضية، تجعل نسبة كبيرة من الجزائريين تعاني من تبعات هذه العوامل، ومن ذلك قلة الحركة المؤدية إلى زيادة الوزن والبدانة ومنها الإصابة بأمراض مزمنة. وتشير الدكتورة فتيحة مغلاوي المختصة في الطب الرياضي، إلى أن ممارستها المهنية جعلتها تؤكد مواجهة أجيال تواجه السمنة والإفراط في الوزن، موضحة ان قلة الحركة والنمط الغذائي المعتمد في مجتمعنا يعدان سببا رئيسا لانتشار البدانة لدى الأطفال وحتى ارتفاع الإصابة بالسكري وارتفاع الضغط وأمراض القلب. وتحدثت المختصة في إطار يوم تحسيسي عن أهمية التنسيق بين عديد المصالح ومنها الصحة والتربية والرياضة، لتفعيل الاهتمام بالأنشطة البدنية وغرس ثقافة الرياضة في المجتمع لمواجهة أمراض كانت إلى زمن قريب حكرا على الدول المتقدمة. وربطت المختصة تحقيق ذلك بعوامل أساسية للحفاظ على صحة الإنسان، ومنها الغذاء المتوازن والنظافة والسكن اللائق ”لاحظنا تعاملاتنا اليومية مع الرياضيين عدم اهتمام نسبة كبيرة منهم بصحة الفم والأسنان وحتى بالأرجل، وكذا قص الأظافر، والنظافة الشخصية بشكل جدي ولائق، وإهمال أي عامل منها يؤثر بشكل ملحوظ على المردود الشخصي للرياضي، وبالتالي رهن مستقبله الرياضي ككل، ولذلك ندعو جميع المواطنين هنا والرياضيين بوجه خاص، إلى الاهتمام بالصحة الشخصية من كل جوانبها”، تقول الدكتورة، موضحة ان ظاهرة بدانة الأطفال أصبحت ملفتة للنظر في المجتمع الجزائري، والتي يعود سببها المباشر إلى توارث الأنماط الغذائية غير السويّة، والمأكولات السريعة المشبعة بالسعرات الحرارية التي يزداد مستهلكوها في مجتمعنا مقابل قلة الحركة. من جهته، يقول السيد طارق أيت حمودة مدرب كرة اليد بجمعية ”آفاق عين الدفلى”، تحدث ل”المساء” على هامش ذات اللقاء التحسيسي، أن نقص الهياكل الرياضية وثقل المقررات الدراسية بالنسبة للتلاميذ، عوامل تؤثر بشكل سلبي على الإقبال على ممارسة الرياضة، التي تبقى محصورة بشكل كلي في هواة بعض الأنواع الرياضية لا غير، ناهيك عن النظرة المجتمعية ببعض مناطق الوطن تجاه فئة الشابات ممن يمارسن الرياضة، إذ تنخفض أعداد هؤلاء كثيرا مقابل أقرانهن من الذكور ”ولذلك ندعو إلى مضاعفة الهياكل والمنشآت الرياضية التي تستقطب أعدادا متزايدة من المواطنين لممارسة الأنشطة الرياضية، ما يؤثر بشكل إيجابي على التأسيس لثقافة رياضية إذا تفاعلت تلك العوامل في إنجاح ذلك”. فيما يعتبر الدكتور إبراهيم حماسي في مداخلته، أن السمنة التي يعاني منها الكثيرون، ناتجة عادة عن انعدام الوعي الغذائي وسوء اختيار الأصناف الغذائية الصحية المقرونة بقلة الحركة ”فنحن نأكل أكثر مما تحتاج إليه أجسامنا ونتحرك قليلا، وبالتالي نحتجز بالجسم الطاقة الزائدة الناتجة عن الطعام على هيئة شحوم تتراكم بأجزاء متفرقة من الجسم، ما يجعل الفرد يصاب بالسمنة ويواجه بالتالي مخاطر صحية هو في غنى عنها”. وينصح الدكتور بالاهتمام أكثر بموضوع ممارسة الرياضة، وان لم يكن ذلك ممكنا لأسباب أو لأخرى، فإن الاهتمام بالمشي ل30 دقيقة يوميا يكون كفيلا بالمحافظة على البدن في منأى عن السمنة والأمراض كذلك.