وفي هذا السياق أفادت دراسة أجراها فريق طبي جزائري مؤخرا أن الأطفال أكثر عرضة للسمنة وكثير من حالاتهم خطرة إذ أن 22 بالمائة من الجزائريين مصابون بالبدانة أغلبهم دون سن المراهقة وأصبحت هذه المشكلة تهدد ثلث أطفال الجزائر• ويعرف المختصون البدانة على أنها زيادة في الوزن نتيجة عدم توازن بين ما يستهلكه الشخص وما يصرفه من طاقة في النشاط البدني• وبمكن معرفة ما إذا كان الطفل بدينا من خلال مقارنة الطول والوزن، فإذا كان وزنه ينمو بسرعة أكبر مقارنة مع طوله فيمكن القول إنه طفل يشكو من البدانة، وتعتبر منحنيات الطول والوزن المرحلة الأساسية لتشخيص المشكلة• عدم متابعة الأولياء لنمط غذاء أبنائهم أهم سبب للبدانة ترجع أسباب السمنة المفرطة حسب الدكتورة حميدوش، أخصائية في طب الأطفال، الى مجموعة من العوامل بعضها مرتبط بالوسط العائلي• ويعود السبب الأول الى تناول أغذية ذات كثافة طاقوية عالية مثل الدهون مع سكريات، كذلك الإفراط في تناول العجائن التي عادة ما تستهلك في مجتمعنا دسمة جدا، وتناول وجبات إضافية بلا متابعة من الأولياء مثل الإكثار من استهلاك الحلويات والوجبات السريعة خصوصا مع الانتشار الواسع لمحلات الطعام السريع التي أصبحت القبلة المفضلة لدى الأطفال، هناك أيضا العادات الغذائية في بعض البيوت الجزائرية فيما يخص كيفية تناول الطعام كدفع الطفل على تناول كميات أكبر من الطعام، ما يكسبه عادة الإفراط في الأكل في أي وقت حتى وإن لم يكن جائعا• من جهة أخرى أوضحت الدكتورة حميدوش أن عدم ممارسة أنشطة رياضية يساهم أيضا في زيادة الوزن، فأغلب الجزائريين يفتقدون الى ثقافة ممارسة الرياضة وبالتالي لن يبدي أبناؤهم أي اهتمام بها• ويمكن أن يعود سبب بدانة الطفل في حالات معينة- تضيف الى العامل الوراثي في حالة ما إذا كان أحد الوالدين مصابا بالسمنة• إهمال معالجة البدانة لدى الصغير يهدد صحته وتضيف المتحدثة أن عدم أخذ زيادة وزن الصغير بعين الاعتبار ومعالجة المشكلة في بدايتها قد تؤدي في المدى البعيد إلى الاصابة بأمراض مزمنة، يأتي في مقدمتها التعرض للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث يتعرض الأطفال المعنيون إلى نوبات قلبية من شأنها تهديد حياة الطفل إضافة الى خطر الإصابة بانسداد الشرايين والأوعية الدموية• كذلك - تضيف الدكتورة - قد ينتج عن السمنة المفرطة أورام سرطانية خاصة سرطان القولون عند الجنسين وسرطان الثدي عند المرأة• إضافة الى المشاكل التنفسية التي يتعرض لها والمرتبطة بشكل كبير بزيادة الوزن والتي من شأنها أن تتعقد وتتحول الى ربو، كما يشكو الطفل البدين من اضطرابات في النوم والشخير• وتسبب البدانة كذلك آلام المفاصل واعوجاج الظهر وتبقى أكثر الأمراض المرتبطة بالوزن مرض السكري تضيف ذات المتحدثة• هذا بالنسبة للأمراض العضوية أما فيما يخص الآثار النفسية فيرى المختصون أن الطفل البدين قد يصاب بالاكتئاب والإحباط ويتجه الى الانطوائية أو العدوانية كرد فعل عن سخرية الآخرين منه• علاج بسيط ويطيل العمر ترى الدكتورة أن مراقبة نوعية الأغذية وتبني نمط غذاء صحي كفيل للوقاية من الإصابة بالبدانة والأمراض الناتجة عنها، ورغم هذا يمكن معالجة السمنة عند الطفل بوسائل بسيطة لكن فعالة يمكن حصرها في القيام بنشاطات بدنية معينة تتحدد تبعا للسن ودرجة البدانة، فمثلا الأطفال بين 8 و10 سنوات يكفي أن يقوموا باللعب خارج البيت ليصرفوا الطاقة الزائدة، وفي حالة وصولهم الى سن تسمح لهم بالانخراط في نادٍ رياضي فإن ذلك يكون أفضل لهم، فالمهم هو تبني نمط حياة أكثر نشاطا بصفة منتظمة تقول الدكتورة• من جهة أخرى العودة الى نمط غذاء أكثر توازنا كفيل باستعادة الوزن الطبيعي من خلال التركيز على تناول الخضر والفواكه لكن بكميات مناسبة وكذا تفادي تقديم الطعام للأطفال أمام التلفاز فهذا يزيد من شهيتهم ويجعلهم يأكلون بشراهة• وأخيرا من المهم أن نولي اهتماما أكبر بالأطفال الذين يعانون من السمنة عن طريق شرح حالتهم والهدف من الحمية الغذائية وممارسة التمارين، كذلك تشجيعه بعد كل خسارة للوزن لترسيخ فكرة النجاح لديه وتجديد الثقة في نفسه وبالتالي الاستمرار على المنوال المسطر•
