تعد الفنانة فاطمة الزهراء بعزيز الملقبة في الوسط الفني السكيكدي «نونو بنت الطينور»، إحدى عملاقات المالوف النسوي بسكيكدة وبالشرق الجزائري، ومن الوجوه الفنية النادرة التي قدمت طيلة مشوارها الفني الطويل خدمات كبيرة للفن الأصيل الذي استمدته من والدها، الشيخ علي الملقب بالطينور، أب المالوف السكيكدي دون منازع، فكانت صوتا متميزا أطرب الملايين من العائلات السكيكدية وغيرها طيلة حقبة كبيرة من الزمن، حتى ذاع صيتها خارج تراب ولاية سكيكدة. لكن بعد كل هذا المسار الطويل والحافل، فإن نونو بنت الطينور، كما يسميها السكيكديون، البالغة حاليا من العمر 83 سنة تعاني الأمرين، حسب أفراد عائلتها، فإلى جانب التهميش الذي طالها وعلى مدار أكثر من 30 سنة دون أن يلتفت إليها أحد ودون أن تحظى بتكريم، على الأقل عرفانا لما قدمته من فن أصيل مستمد من التراث، فإن المرض الذي ألمّ بها خلال السنوات الأخيرة قد زاد من معاناتها ولم تجد أمامها سوى ابنتيها اللتين وقفتا بجانبها في الضراء، بعد أن تنكر لشحرورة سكيكدة من استأنسوا بصوتها وبصوت والدها الذي كانت تلازمه منذ الصغر لسنوات، كانت ظلا له، حيث تعلمت منه أبجديات الفن والموسيقى في صغرها، فكانت أذنها بحق أذنا ذواقة وسماعة. وحسب أفراد عائلتها الذين تحدثوا إلينا، فإن والدها المرحوم كان يحبها كثيرا، ويصطحبها دائما معه سواء في التمرينات الموسيقية، أوحتى عند إحيائه لحفلات الأعراس. ولما بلغت من العمر 16 سنة، وأمام تشجيعات والدها، بدأت رحلتها الأولى مع الغناء بإحيائها لبعض الأعراس العائلية التي كانت تقام بمدينة سكيكدة، حيث ظهرت قدرتها الخارقة في أداء أهم أغاني المالوف إلى أن أصبحت ودون منازع المطربة الوحيدة التي تتهافت عليها العائلات لإحياء مختلف الأعراس وحفلات الختان، غنت للغني والفقير، وأمام شهرتها، قررت تكوين أول فرقة نسائية للغناء والطرب بسكيكدة وما جاورها، شكلت من عدد من النساء، من بينهن صديقتيها عقيلة وفتيحة، وبفضل تلك الفرقة اقتحمت «نونو» عالم الفن من بابه الواسع، متحدية كل الظروف والأحوال التي عاشها المجتمع الجزائري طيلة التواجد الاستعماري البغيض، حيث أدخلت الأفراح إلى النفوس، كما ساهمت في حفظ العديد من الأغاني التراثية التي تعلمتها من والدها، وترى عائلتها بأن هذه المرأة التي أفرحت العائلات السكيكدية طيلة حقبة كبيرة، كان الأجدر على القائمين بالثقافة على المستوى الوطني والمحلي الالتفاف إليها، بعد ما أضحت غير قادرة على الحركة بفعل إصابتها بآلزهايمر.