تزخر مدينة سكيكدة بأصوات فنية جد متميزة، تركت بصماتها على الساحة الفنية المحلية والوطنية على حد سواء، مما جعلها تساهم في تطوير وترقية الأغنية التراثية والحفاظ عليها... ومن بين هذه الأصوات فنان المالوف المتألق الشاب بولبراشن نذير الذي التقت به ''المساء''، فكان هذا الحوار... ''المساء'': من هو نذير بولبراشن؟ ندير: فنان ينتمي إلى المدرسة المالوفية السكيكدية من مواليد عام 1961 بسكيكدة، نشأ في عائلة فنية تمارس المالوف غناء وعزفا، فوالدي الشيخ يوسف فنان معروف إضافة إلى أخوال والدي وأعمامي، فالمالوف يسري في دم عائلة بولبراشن. - متى كانت بدايتكم الفنية؟ * بدايتي ككل البدايات، منذ نعومة أظافري وأنا مولع كل الولع بالطرب الأصيل المستمد من التراث، لا سيما فن المالوف، وما زاد ارتباطي بهذا الفن انتمائي إلى عائلة فنية ساهمت في تفجير موهبتي.. لكن انطلاقتي الحقيقية كفنان يغني أمام الجمهور كانت سنة ,1979 من خلال احيائي لأولى حفلاتي في الأفراح والأعراس، في عام 1981 شاركت في حصة ألحان وشباب بأغنية تراثية ''بالله يا حمامي'' وفزت بالمرتبة الأولى، ومن ثم بدأت أشق طريق الفن بخطوات ثابتة، لكن في نفس الوقت كنت أجتهد كي أطور موهبتي من خلال الاحتكاك بعمداء الطرب المالوفي من أمثال الشيخ محمد الطاهر الفرقاني والذيب العياشي وحمدي بناني وحتى الأستاذ عبد القادر الدرسوني. - وماذا في رصيدكم الفني لحد الآن؟ * شاركت في العديد من المهرجانات، منها مشاركتي في المهرجان الدولي حول الطرب التراثي سنة 1982 بجمهورية تونس، وكذا في مهرجانات محلية ووطنية ودولية بداية من سنة 1997 بسكيكدة وقسنطينة وعنابة، إلى جانب مشاركتي في المهرجان الدولي للمالوف في طبعته الأولى سنة 2007 والثانية في 2008 وتحصلت في الطبعة الأولى على جائزة تشجيعية وايضا مشاركتي سنة 2011 في فعاليات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، ناهيك عن الحفلات التي قمت بإحيائها في إطار التبادلات الثقافية ما بين الولايات، إضافة إلى مشاركتي في حصة تلفزيونية قدمت من خلالها باقة من الأغاني التراثية. - كيف تقيمون الحركة الفنية عموما بالولاية؟ * لقد عاشت سكيكدة خلال السنوات الأخيرة شبه ركود فني، طبعا باستثناء بعض المهرجانات المناسباتية التي كانت في كثير من الأحيان تستثني المالوف من الحضور، على الرغم من أن الجمهور السكيكدي يهوى سماع الأغاني التراثية الأصيلة كالشعبي والمالوف، لكن بظهور فعاليات التبادلات الثقافية بين الولايات الذي اعتمدته وزارة الثقافة، عادت الأمور إلى مجراها الطبيعي، حيث أصبح المالوف حاضرا في كل تلك التظاهرات. - هل أنتم مع عصرنة المالوف بتدعيمه بآلات عصرية؟ * صراحة لست ضد إدخال الآلات العصرية في المالوف، لكن بشرط أن لا يتغير الطبع، بعبارة أوضح أن لا تفرغ تلك الآلات العصرية المالوف من محتواه لأنه فن تراثي يعبر عن أصالة الأمة، فنحن مطالبون جميعا بالحفاظ عليه، وبتعبير أوضح وأدق، يجب أن يكون هناك تمازج بين الأصالة والمعاصرة لكن دون أن يطغى احدهما على الآخر، فالحفاظ على موروثنا الفني مسؤولية كل فنان نزيه وملتزم. - وماذا تقولون عن اعتماد جل الفنانين على القصائد التراثية دون البحث عن الجديد من الشعر الشعبي الذي يتلاءم معظمه مع الطرب والموشح الأندلسي بوجه عام؟ * صحيح أن أغلب الفنانين حاليا يعتمدون على القصائد التراثية التي تتلاءم والنوبة والحوزي والزجل، وعند هذه النقطة أقول ان الاعتماد على قصائد الشيوخ التراثية يعد في رأي جزءا من الحفاظ على الموروث الثقافي، ثم أن لتلك القصائد طابعا خاصا وقيمة تاريخية، لكن لا بأس أن نعتمد احيانا على بعض القصائد الشعبية التي تتلاءم مع المالوف في طبع الحوزي إن وجدت بما يليق بمقام الأغنية الجزائرية وبأصالة المجتمع. - ما هي مشاريعكم المستقبلية؟ * عن قريب سيصدر لي ألبوم جديد (CD) يعد الثاني في مساري الفني، عبارة عن مجموعة من أغاني المالوف بطبوع مختلفة تنسجم مع كل الأذواق. - كلمة أخيرة * أشكر يومية ''المساء'' على الفرصة التي أتاحتها لي، وهذا يعكس بصدق مدى تدعيمها للمواهب الجادة ووقوفها إلى جانبهم، فألف شكر لها ولكل قرائها.