يتابع الفنزويليون بكثير من الترقب نتائج أول انتخابات رئاسية لمرحلة ما بعد الرئيس الراحل هوغو شافيز، والتي ستحدد الوجهة التي يأخذها هذا البلد البترولي بين توجهين اثنين؛ إما مواصلة الخط "الثوري" الذي رسمه الرئيس الراحل أو تغييره باتجاه تكريس النهج الليبرالي. وإذا كانت المؤشرات الأولية أكدت أن الناخبين الفنزويليين سوف يجددون ثقتهم في الخط السياسي لرئيسهم الراحل؛ من خلال انتخاب نيكولا مادورو الذي تَعهّد بمواصلة نهجه السياسي، إلا أن ذلك لن يمنع من القول إن حظوظ المرشح الليبرالي أنريكي كابرليس وزعيم أحزاب المعارضة تبقى قائمة أيضا إلى غاية الإعلان عن النتائج النهائية لهذه الانتخابات الحاسمة. ومهما تكن التوقعات فإن كلمة الحسم سيصنعها 19 مليون ناخب فنزويلي، الذين سيكونون بمثابة الفيصل في سباق انتخابي، ستنعكس نتيجته ليس فقط على فنزويلا ولكن أيضا على دول أمريكا اللاتينية جميعها. ويمكن القول إن الرئيس هوغو شافيز تمكّن طيلة سنوات حكمه لأحد أغنى الدول النفطية في العالم، من إحداث ثورة في التوجهات السياسية في بلاده وفي العديد من دول أمريكا الجنوبية التي تبنت شعوبها النظام الاشتراكي، وعزّزت موقف هذه الدول في وجه "الأمبريالية الأمريكية". ولا يبدو أن 14 سنة التي قضاها الرئيس شافيز رئيسا لفنزويلا ستجعل شعبها يغيّر قناعته ووجهة ولاءاته فجأة لصالح نظام ليبرالي طالما حاربه ولم يتمكن من التخلص منه سوى في انتخابات 1999. وقد خيّم شبح الرئيس الراحل الذي فارق الحياة في الخامس مارس الماضي على أجواء الساحة السياسية الفنزويلية، وطيلة أيام الحملة الانتخابية أعيد فيها التأكيد على الإرث الثوري الذي يتعين المحافظة عليه، والأكثر من ذلك مواصلته في سياق حراك سياسي جديد بدأت القارة الأمريكو لاتينية تعيشه منذ سنوات. وحتى قبل الإعلان عن نتائج هذا الاستحقاق الانتخابي خرج أنصار "الشافية"؛ نسبة إلى الرئيس الراحل الذي حمل راية الدفاع عن الطبقات المحرومة وعمل على ترقية مستواها التعليمي والصحي، خرجوا إلى ساحات العاصمة كاراكاس للاحتفال بمواصلة المسيرة، وربما من أجل إقناع المترددين على التصويت لصالح نيكولا مادورو، الذي استفاد من وصية شافيز؛ بتعيينه نائبا له والإشراف على المرحلة الانتقالية إلى غاية هذه الانتخابات. وكان مادورو التزم منذ تعيينه رئيسا بالنيابة، بأن المرحلة الانتقالية لن تدوم طويلا، وأنه سيعمل على توفير كل الظروف لتنظيم الانتخابات الرئاسية، وقد أوفى بالتزاماته، في نفس الوقت الذي أكد بأنه سيواصل على نهج الرئيس الراحل، و«الوفاء لروحه وقطع الطريق أمام الأثرياء والفاشيين". يُذكر أن هذه الانتخابات تمت وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة سُخرت لها تعزيزات أمنية كبيرة، قُدرت بأكثر من 150 ألف رجل أمن، بينما أغلقت فنزويلا حدودها منذ بداية الأسبوع. وأشرف على هذه الانتخابات أكثر من 3 آلاف مراقب محلي و240 مراقبا دوليا.