اختلفت التعريفات الخاصة بمفهوم أمن المواطن بين ضرورة احترام هذا الأخير للقانون الذي يضمن له حقوقه، وبالتالي أمنه واستقراره، وبين تكفّل الدولة بضمان الأمن للمواطن من خلال تشريعات وقوانين وهيئات مكلَّفة بمسألة الأمن، التي اتفق الجميع على أنها أساس للتنمية؛ على اعتبار أن عودة الاستقرار إلى بلادنا وانطلاق قطار التنمية بها لم يتأتَّ إلا من خلال المصالحة الوطنية، التي كانت إحدى أهم القرارات والخطوات التي أدت إلى استتباب الأمن في بلادنا.. لكن هذا لا يمنع من ضرورة توسيع مساحات تأمين المواطن لتشمل مجالات متعددة. وقد اعترف المتدخلون خلال اليوم الدراسي حول أمن المواطن في نظر الدرك والشرطة، الذي نظمته أمس لجنة الدفاع الوطني بالمجلس الشعبي الوطني، بأن مسؤولية إعادة الأمن ببلادنا كانت كبيرة خاصة خلال العشرية الأخيرة من القرن الماضي، والتي عرفت فيها بلادنا حالة من اللاأمن وعدم الاستقرار.. فكان لا بد من اتخاذ قرارات شجاعة لإعادة الأمور إلى نصابها وضمان راحة وسلامة المواطن، فكانت المصالحة الوطنية التي لولاها لما استعادت الجزائر عافيتها الأمنية. وأشار رئيس لجنة الدفاع الوطني بالمجلس الشعبي الوطني السيد حسان بونفلة، إلى أن الجزائر ضمنت الرهان الأمني للمواطن، بل أكثر من ذلك، فهي اليوم تضمن استمراريته، ولعل حادثة الاعتداء على المجمع الغازي بتيڤنتورين لدليل على حزم الدولة وصرامتها إزاء القضية الأمنية، وهو تأكيد على أن الجزائر لم تكتف خلال السنوات الأخيرة بضمان الأمن وإرسائه بل تعدت استراتيجياتها ومخططاتها إلى ضمان استمراريته، وهي مهمة أخرى لا تقل أهمية وتعقيدا عن الأولى. من جانبه، ركز الأستاذ الجامعي محمد فادن على أهمية الأمن في حياة المواطن، وعلى ضرورة أن تضمن دساتيرنا هذا الحق؛ باعتباره واجبا دستوريا ومهمة ملقاة على عاتق الدولة، إذ أنها المسؤولة على ضمانه، مضيفا أن شعور المواطن بحماية الدولة وبالأمن يعزّز الشعور لديه بالمواطَنة، معتبرا أن الأمن الداخلي للدولة، والمتمثل أساسا في أمن الأشخاص والممتلكات، يُعد مهمّا، ويجب أن تركَّز كل الجهود على ترقيته وضمانه حتى لا يلجأ المواطن إلى القصاص لنفسه لوجود هيئات تتكفل بذلك. مداخلة العقيد عبد الحميد مسعودي المدير العام للمعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام حول دور الدرك في ضمان حماية المواطن واستتباب الأمن، ارتكزت حول ضرورة تقييم فعالية الإجراءات القانونية والعملياتية الموجَّهة لضمان أمن المواطن، والتي تتكفل بمكافحة الإجرام بجميع أشكاله والوقاية منه، داعيا إلى ضرورة تدعيم مسألة الأمن؛ من خلال إيجاد أحكام جديدة تُعنى بحماية المواطن خاصة مع ظهور أنواع جديدة من الجرائم. وفي هذا السياق، قال السيد عبد الحميد مسعودي إن هذه الأحكام تمكن المواطن من ممارسة حريته بكل طلاقة؛ بحيث يحظى المواطن بحق الاستعانة بالمحامي بمجرد توقيفه لأول وهلة ووضعه تحت النظر مع اقتراح مرافقة المحامي في مراكز الأمن. وتُعد هذه الإجراءات خطوة أخرى نحو توسيع نطاق الأمن لصالح المواطن، تتماشى والتحولات المتسارعة التي عرفتها بلادنا. مدير الأمن العمومي بالمديرية العامة للأمن الوطني العميد الأول للشرطة عيسى نايلي، أفصح، من جهته، عن بعض الأرقام التي تعكس جهود الدولة في التكفل بأمن المواطن من جوانبه المتعددة خاصة المهنية والاجتماعية، حيث أشار إلى تراجع محسوس في حالات الاحتجاج سنة 2012، والتي بلغت 9986 حالة مقابل 11695 حالة سنة 2011؛ أي بتراجع قُدّر ب1709 حالة احتجاج؛ ما يمثل 14.61 بالمائة، ونفس الشيء بالنسبة للحوادث الرياضية التي تراجعت خلال الموسم الرياضي الماضي 2011- 2012 إلى 137 حادثا مقابل 187 خلال الموسم 2010- 2011؛ أي بنسبة 26 بالمائة. وقد تخللت مداخلات المتخصصين والخبراء مناقشات وتساؤلات المشاركين؛ من برلمانيين وممثلين عن جمعيات ناشطة، أجمعت كلها على ضرورة أن تتقاسم الدولة والمواطن مسؤولية الأمن.