أكد الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، أمس، استعداد الجزائر ”للارتقاء بالتشاور والحوار السياسي وكذا التعاون بين الجزائر وتركيا في المجالين الاقتصادي والثقافي إلى المستوى الذي يصبو إليه البلدان، في فائدة الشعبين وازدهارهما”. مشيرا إلى أن البلدين يطمحان إلى إضفاء ”بعد استراتيجي” للعلاقات التاريخية التي تربطهما. وأجرى الوزير الأول، بقصر الحكومة، محادثات مع نظيره التركي، السيد رجب طيب أردوغان، حضرها أعضاء وفدي البلدين، والتي سبقتها محادثات على انفراد مع نظيره التركي الذي يرافقه وفد هام يضم وزراء ورجال أعمال. وقال السيد سلال في كلمة له بمناسبة زيارة السيد رجب طيب اردوغان إن ”هذه الزيارة لهي بلا شك دليل على نوعية العلاقات التاريخية التي تقيمها الجزائر مع تركيا والطابع المميز بل وحتى البعد الاستراتيجي الذي نطمح إلى إضفائه عليها بالنظر إلى الإرث التاريخي المشترك”. وسجل في هذا السياق انتماء الجزائر وتركيا إلى نفس الفضاء الجيوسياسي والثقافي، منوها بالقدرات التي يزخر بها البلدان في كل الميادين. وبعد أن ذكر أن الجزائر مرتبطة منذ 2006 مع تركيا بمعاهدة للصداقة والتعاون التي ”تعكس تماما مستوى التفاهم والتشاور الذي ميز دوما العلاقات” بين البلدين، عبر السيد سلال عن ارتياحه وارتياح الحكومة لاستقبال ”قائد كبير لبلد صديق”. من جهة أخرى، أكد الوزير الأول أن العلاقات الجزائرية - التركية ”تعززت بكثافة” وقد برز ذلك خاصة على مستوى المبادلات التجارية التي تضاعفت خمس مرات خلال السنوات الأخيرة. مشيرا إلى أن هذا اللقاء ”سيكون مناسبة متميزة لإجراء حصيلة مستفيضة لوضعية التعاون الثنائي الذي سجل كثافة معتبرة على مستوى المبادلات التجارية التي تضاعفت خمس مرات تقريبا خلال العقد الأخير، لتبلغ ما قيمته 5 ملايير دولار في سنة 2012”. وفي هذا السياق، أوضح السيد سلال أن هذه الإنجازات ”تعكس طموحات الجزائر وعزمها على تنويع الاقتصاد الوطني من أجل التخلص من التبعية إلى المحروقات والدخول في منطق الشراكة ذات الفائدة المتبادلة مع القوى الجهوية الكبرى الجديدة من ضمنها تركيا”، مؤكدا حرص الجزائر على ”العمل للانتقال إلى مرحلة أسمى في التعاون الاقتصادي”. وأبرز الوزير الأول بأن المتعاملين الاقتصاديين ورجال الأعمال الأتراك ”سيجدون في الجزائر فرصا كبيرة وتسهيلات لتثمين استثماراتهم والمساهمة في النهوض الاقتصادي للبلدين”، مذكرا ب«دينامكية الاقتصاد الجزائري وثراء موارده البشرية”. على الصعيد الجهوي، أشار الوزير الأول إلى أن زيارة نظيره التركي للجزائر تشكل ”علامة من أكثر العلامات دلالة على عمق علاقة البلدين”، مضيفا أنها ”تسمح لنا بالتطرق بشئ من التفصيل إلى عدد من القضايا الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة وأن فضاءنا الاورو-متوسطي يشهد تغيرات كبيرة”. وأضاف أن ”هذا الوضع المتأزم يفرض الالتزام الدائم بسبل التشاور والحوار بين كل بلدان المنطقة وذلك بهدف تشجيع المسارات الشاملة للمصالحة الوطنية دون التدخل في الشؤون الداخلية للأمم السيدة وفي ظل التقيد بالشرعية الدولية”. وفي هذا الصدد، أبرز السيد سلال الوسائل الكفيلة بمواجهة التحديات الأمنية الجديدة وتصاعد التهديد الإرهابي، مما يقتضي تعزيز التعاون في هذا المجال سواء على الصعيد الثنائي أو على مستوى المنظمات الدولية بغرض إيجاد حلول شاملة وناجعة من أجل القضاء على هذه الآفة”. وبعد أن ذكر السيد سلال ب«الظروف الجديدة” التي أصبحت المنطقة تعيشها، قال إن الجزائر ”باشرت مثل تركيا اندماجها في القرن الواحد والعشرين بمسار للتنمية الاقتصادية والاجتماعية متشبع بعالم مفتوح وشمولي”. من جهتها، أبدت تركيا إرادة قوية للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى المستوى المنشود، حيث أشار المستشار الإعلامي برئاسة الحكومة التركية، السيد لطف الله قوكتاس، أن الجانب التركي ركز في محادثاته على تعزيز الشراكة في مختلف المجالات. كما أشار إلى أنه تم خلال المحادثات تقييم اتفاقية الصداقة والتعاون الموقعة بين البلدين خلال الزيارة الأولى للسيد اردوغان إلى الجزائر سنة 2006، إلى جانب بحث التعاون في مجال مكافحة الإرهاب لاسيما وأن الجزائر عانت كثيرا من هذه الآفة العابرة للحدود. ومن بين المواضيع التي تم التطرق إليها، نجد الصناعة الحربية وذلك على ضوء الاتفاقية الموقعة بين البلدين في هذا المجال الشهر الماضي، إضافة إلى تعزيز التبادل التجاري، علما أن الاستثمارات التركية في الجزائر قدرت ب1 مليار دولار سنة 2012، إذ تتركز بالخصوص على قطاع البناء من خلال التوقيع على اتفاقيات لانجاز مشاريع في هذا المجال مستقبلا بقيمة 3.5 ملايير دولار. وكان رئيس الوزراء التركي قد توجه أمس إلى مقام الشهيد بالجزائر العاصمة، حيث ترحم على أرواح شهداء الثورة التحريرية أمام النصب التذكاري المخلد لشهداء الثورة. وقام السيد أردوغان الذي كان مرفوقا بوزير التجارة السيد مصطفى بن بادة بوضع إكليل من الزهور أمام النصب التذكاري للشهداء. كما وقف دقيقة صمت ترحما على أرواح الشهداء. وتندرج هذه الزيارة في إطار ”تعزيز العلاقات بين البلدين وترقية الحوار السياسي والعلاقات الاقتصادية إلى أعلى المستويات طبقا لروح معاهدة الصداقة والتعاون المبرمة سنة 2006”. وينتظر أن يتوجه السيد اردوغان اليوم إلى ولاية وهران لتفقد المركب الغازي بالمنطقة الصناعية بأرزيو ومصنع الفولاذ الجديد الذي أنجزته الشركة التركية الخاضعة للقانون الجزائري ”توسيالي ايرون اند ستيل”.