أنشأ عبد الكريم عبيدات، خبير دولي مستشار في الوقاية الجوارية ورئيس الجمعية الوطنية لرعاية الشباب، مستشفى متنقلا لتدعيم العمل الجواري بالأحياء الشعبية، انطلاقا من فكرة مفادها أن الشباب المدمن يأبى الالتحاق بالمستشفى للعلاج، باعتباره مكانا مغلقا، من أجل هذا، ارتأى أن ينقل المستشفى إلى المدمنين بأحيائهم لتشجيعهم على تلقي العلاج، وهي التجربة التي من المنتظر أن يعلن عن انطلاقها رسميا يوم 26 جوان الموافق لليوم العالمي لمحاربة المخدرات. ككل سنة، تُعد جمعية رعاية الشباب برنامجا طموحا بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، بالتنسيق مع الأمن الوطني لولاية الجزائر، حيث ينتظر هذه السنة أن تنظم أبوابا مفتوحة بساحة البريد المركزي لعرض التجربة الرائدة للجمعية في العمل الجواري الهادف إلى حماية الشباب من هذه الآفة الخطيرة، وهي فرصة أيضا، يقول عبد الكريم عبيدات ل «المساء»، لعرض أول تجربة هادفة في مجال مكافحة المخدرات، والمتمثلة في المستشفى المتنقل كجهاز وقائي للتكفل بالمدمنين عبر الأحياء الشعبية». وفي إطار نشاطاتها الجوارية، ينتظر أن تنظم جمعية رعاية الشباب، بالتعاون مع الأمن الوطني اليوم، مقابلة في كرة القدم بين الأحياء، يشارك فيها شباب تم تكوينه على خلفية جريمة القتل التي ارتكبها شاب مدمن على المخدرات، ولامتصاص الغضب، برمجت المقابلة التي شارك فيها 21 فريقا من مختلف البلديات، حسب عبد الكريم عبيدات الذي قال؛ «تفكر الجمعية دوريا في سبل تكسب بها ثقة المدمنين بالأحياء الشعبية، لهذا، فكرنا في إنشاء مستشفى متنقل والوقوف على الخوف الذي يعانيه المدمن منها، هذاالمستشفى يعمل اليوم بأحياء باب الزوار، مكونا من مربيين ومؤطرين في علم النفس والاجتماع، ويتمثل دور الطاقم الطبي بالمستشفى في استقبال الشباب للاستماع لها، وإزالة مخاوفهم بعدما يتم إقناعهم بأهمية العلاج، ليتم توجيههم إلى مركز المحمدية بغية الاستفادة من جلسات العلاج التي يشرف عليها طاقم متخصص، يعزز ثقة المدمن ويشجعه على العلاج». يعتبر «المدمن» الشغل الشاغل لجمعية رعاية الشباب، لهذا قامت باقتناء عتاد متطور يضمن له فرصا أكبر للشفاء من الإدمان، حسب عبد الكريم عبيدات الذي قال؛ «نحمل بشرى للمدمنين على المخدرات، مفادها أننا قمنا مؤخرا بتدعيم مركزنا بالمحمدية بعتاد متطور في مجال العلاج من المخدرات، وبذلك تحول المركز من مركز إصغاء وتوجيه إلى مركز إصغاء وعلاج». وأردف؛ «اقتنينا الأجهزة الطبية من كوريا، ويتمثل دورها في تقديم دعم كبير للمدمن، ومنه الشفاء دون تعاطيه أي نوع من الأدوية، ومن بين هذه الآلات، نذكر أجهزة تلعب دورا في الاسترخاء الجسدي، وأخرى تؤمن الاسترخاء الذهني، ولدينا أيضا آلات تفحص دم المدمن وتصفيه من النيكوتين، ناهيك عن أجهزة أخرى للعلاج بالموسيقى، وبالمناسبة تم تكوين أشخاص مؤهلين للتعامل مع هذه الأجهزة المتطورة، ليشعر المدمن أنه بين أيد أمينة». الهدف من تدعيم مركز المحمدية بأجهزة جديدة، حسب محدثنا، هو تعزيز الثقة لدى المدمن والتأكيد على إمكانية شفائه، خاصة وأن المركز بات يستقبل أعدادا كبيرة من الشباب الراغب في العلاج والتخلص من هذا الهم، إذ يتم استقبال 40 حالة بين ذكور وإناث يوميا». وبمناسبة الحديث عن الأرقام، نبه عبد الكريم عبيدات إلى المضاربة بالإحصائيات التي تروج لها بعض الجهات، والتي تفيد بوجود ملايين المدمنين في الجزائر، حيث قال؛ «نحن كجمعية رعاية الشباب نعلن عن وجود 300 ألف مدمن من 13 إلى 35 سنة، 3 بالمائة منهم من الإناث، ولا يمكن الحديث عن حالات لم تصرح بإدمانها، وبالتالي يتعذر إحصاؤها، وعليه ينبغي عدم المبالغة عندما يتعلق الأمر بالجانب الإحصائي». يعتقد رئس جمعية رعاية الشباب أنه حان الأوان للاستثمار في الشباب، باعتباره يمثل 70 بالمائة من مجتمعنا، ومن ثمة كان لابد من حمايته، لهذا قال؛ «قررنا بالنظر إلى كون طاقة استيعاب مركز المحمدية باتت محدودة، إنشاء مراكز جديدة بعيدة عن المستشفيات، لأن الشباب المدمن يرفض تلقي العلاج بالمراكز الموجودة في المستشفيات، من أجل هذا، تظهر الحاجة الملحة اليوم لإنشاء مراكز حرة تدعم بأجهزة طبية، وفرق عمل مكونة من مختصين في مجالات مختلفة، وفي هذا الإطار، نفكر في إنشاء مركز جديد بغابة بوشاوي، ندعمه بأجهزة علاج متطورة تؤمن الحماية والعلاج المطلوبين للمدمنين، وبذلك يكون أول مركز لعلاج المدمنين في وسط طبيعي». وفي رده على سؤالنا حول تسجيل حالات العودة إلى تعاطي المخدرات لحالات شفيت، أوضح عبيدات «أن جمعية رعاية الشباب تعتمد على استراتيجية مدروسة لمنع المدمن من معاودة تعاطي هذه السموم، إذ يتم تكوينه كمرب مثالي»، هذه السياسة أثبتت نجاحها، بدليل يقول؛ «إن أحسن المربين على مستوى الجمعية، والذين يزيد عددهم عن ألف مربي ومربية، كان بعضهم من المدمنين، ولأن المدمن من خلال تجربتنا، يبحث عن إثبات الوجود ويرغب في أن يشعر بأهميته، وبتحويله إلى مرببي الحي وتحميله رسالة نبيلة، يشعر بقيمته في المجتمع، ولأنه جرب آفة تعاطي المخدرات، فالأكيد أنه سينقل صورة صحية للمدمنين في إمكانية الشفاء وهذا هو المطلوب».