يقال إن الغناء المحترم يجب أن يخرج إلى رحاب الفن بمنهجه وتصوّره ورسالته، فيتناغم مع حاجيات العصر، هذا شأن متفَق عليه، والفنان القدير صاحب الهدف السديد هو القادر على إثبات عبقريته وقدرته على التميُّز والعطاء. من هذا المنطلق وبما أن ضيفنا ”كادير الجابوني” يقر بأن الملاهي هي المدرسة الأولى” للراي”، وبالمقابل فإنه يثمّن كل جهد فني نظيف من شأنه تحسين الذوق العام، التقيناه بفندق شيليا وهو يتأهب لتنشيط السهرة الخامسة من فعاليات الطبعة ال 35 لمهرجان تيمڤاد الدولي، وفتح صدره للقرّاء فحاورناه في قضايا الفن ودور المهرجان في تطويره والترويج له.
دعوة مجدَّدة لمهرجان تيمڤاد، ما هو إحساسكم خصوصا أن المهرجان تتزامن فعالياته مع اختتام خمسينية الاستقلال؟ إن مهرجان تيمڤاد بالنسبة لي أصبح محطة فنية أنتظرها سنويا؛ فهو يُعد مرحلة مهمة في حياة الفنان. سعيد بوجودي مع جمهوري، جئت برسالة للشباب وجمهوري الخاص الذي ألِفته بتيمڤاد وتربطني به علاقة حميمية، سأعمل بالمناسبة على إسعاده بمناسبة عيد الاستقلال وأشاركه فرحته كذلك في ختام خمسينية الاستقلال.
خمس مشاركات لكم على الأقل بالمهرجان بعد نهاية هذه السهرة، واعتمادا على تجربتكم الميدانية هل تعتقدون بوجود بوادر الارتقاء به إلى العالمية؟ أكيد هناك نية حسنة محليا وجهود من مسؤولي ديوان الثقافة والإعلام، الذين في اعتقادي يعملون ما بوسعهم لاستقطاب أكبر عدد من الفنانين الأجانب، فضلا عن السمعة التي اكتسبها، والطلب يزداد عليه من سنة لأخرى. وأنأ أحدّثكم اللحظة ونحن نستمع سويا لرائعة ”جانيتو”، التي تؤديها الفرقة الهندية التي حضرت، وهذا دليل آخر على شهرة المهرجان الذي أصبح يضاهي مهرجانات كبيرة.
يطالب الجمهور دائما بالجديد، هل في اعتقادكم يكفي تقديم أغان قديمة للمطربين والفنانين المدعوين؟ الجمهور دائما في تواصل مع الفن ويطلب الجديد، هو في حقيقة الأمر مطلب مشروع، وأنا أكنّ كل احترام لجمهوري. حضّرت ما يرقى لذوقه من ألبومي، كما أعده بالمفاجأة من خلال ألبوم جديد ”جرحي ما يبرا”، ويتضمن 07 أغان، منها أغنية للمرحوم ڤروابي مع راضية منال، كما صدر لي، الأسبوع الماضي، كليپ مصوَّر ”طوندونس راي2”، يتضمن أغنيتين؛ ”مرضي صعيب” و”أغنية لطفي دوبل كانو”.
ما سر نجاح الراي وبروز الموجة الجديدة في الغناء، التي تُعرف بما يسمَّى بالأغنية الشبابية التي تزداد انتشاراً، ألا يكون لها تأثير مستقبلا على الراي؟ الراي، كلون جزائري، له رواده وخصوصياته، يعتمد على الموسيقى الخفيفة، فهو يساير التطور الحاصل في المجال الفني. وبخصوص الظاهرة الجديدة في الغناء، فهي أصبحت واقعا وتمثل تعبيرا عن حاجات بداخل (أنا) الشباب، الذي يعيش مشاكل اجتماعية. طبعا الواجب يملي على الفنان استدراج الأذواق بالعمل الفني النظيف الهادف.
هل الموسيقى الإليكترونية نعمة أم نقمة على الفن الجزائري؟ ستُفقد الفن الجزائري بعض ميزاته وخصوصياته، لكن الذين يراهنون عليها إنما لتحقيق أهداف تجارية؛ بالاعتماد على موسيقى غير مكلّفة، لا تعكس حقيقة المجهود الذي يبذله الفنان والموسيقي معا، لكن هذه الظاهرة موجودة ويجب التكيّف معها والتحكم فيما تَفرّع من الراي؛ من ”أرنبي” وموسيقى ”الهيب هوب”.
هل يؤدي في اعتقادكم الإعلام الجزائري دوره في خدمة الفن؟ دون أدنى شكٍّ، وبودي أن أثمّن ما يقوم به الإعلام الجزائري في تطوير الفن الجزائري والترويج له؛ الإعلاميُّ شأنه شأن الفنان، وكلاهما يحمل رسالة.
هل تفكرون في إنجاز عمل فني مشترك مع أحد فنَّاني الطابع الشاوي؟ بالطبع سأدرج هذا ضمن انشغالاتي، لكني في الوقت الراهن لم أتلقَّ عرضا في الموضوع. ويشرّفني أن أؤدي عملا فنيا مشتركا مع أحد فناني الشاوي لكن شريطة أن يقام هذا العمل على أساس تثمين تراث المنطقة وما تزخر به من رصيد في النغمة الأصيلة المميَّزة.
هل فكرتم في اقتحام عالم السينما؟ في الحقيقة، ليست لي ميولات إلى السينما وإمكانية خوض تجربة سينمائية غير موجودة في قاموس اهتماماتي.
كلمة أخيرة تختمون بها، وإن تعلَّقت بجمهور ثاموقادي فلا مانع؟ بادئ ذي بدء، بودي أن أشكر ”المساء” التي أتاحت لي هذا الحيّز، وأتمنى لها الدوام والاستمرارية في تأدية رسالتها، وبالتالي خدمة الفن والفنانين. وبخصوص جمهور تيمڤاد لا يسعني إلا أن أحيّيه، فعلاقتي به متينة، وهو من العوامل التي يتوقف عليها سر نجاح الفنان. أمنيتي أن أكون ضيف المهرجان كل سنة.