منعطفات تاريخية حادة، يقاربها أحيانا بالفانتازيا كما في «البركان»، الذي أسس لرؤية جديدة للدراما التاريخية، لقي في مسيرته مطبات سياسية، في «الطريق إلى كابل» مثلا، لكنه يمضي بخبرة السنين منقبا في أحداث وشخصيات التاريخ العربي الإسلامي، حيث انتهى صاحب «الظاهر بيبرس» مؤخرا من تصوير العمل التلفزيوني «خيبر» الذي سيعرض في شهر رمضان، ويجمع نجوما من سوريا، مصر، العراق والأردن، ويؤكد أنه سوف يملأ فراغ ما أسماه «الغياب المخجل» للدراما التاريخية والدينية، ويمثل نقلة نوعية في هذا الميدان. يشير محدمد عزيزية إلى أن المسلسل يتميز بموضوعه الذي تمت كتابته بعناية وبخلفية دينية وتاريخية، ولغة عربية فصيحة غير متقعرة، حيث يتناول قصة يهود «خيبر»، وما فعلوه من مكائد في بدايات ظهور الإسلام ضد المسلمين وضد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأضاف عزيزية - في حوار خاص مع «الجزيرة نت» أثناء وجوده بالقاهرة - أن المسلسل «يجسّد أبرز صور النفاق السياسي في هذه الفترة، وسوف يجد المشاهدون متعة خاصة بمتابعته، وهو من الأعمال ذات الإنتاج المصري السوري الضخم». وأشار إلى أن المسلسل من تأليف السيناريست يسري الجندي، ويشارك في بطولته النجم السوري أيمن زيدان، وفريق عمل يتكون من مائة وخمسين ممثلا، وقد بلغت ساعات التصوير حوالي العشرين، ونبه عزيزية إلى أن «خيبر» كموضوع لم يتناوله أحد في عالمنا العربي من قبل بسبب صعوبة النص التلفزيوني والسينمائي، فهو يحتوي على العديد من الحصون والقلاع، فإذا أردت أن تقدمه، فالأسهل لك في التكلفة والجهد أن تقدمه على الصورة الإذاعية (الوصفية) لا التلفزيونية (ذات الرؤية البصرية)، «لكننا تحدينا كل ذلك، وحولنا النص الوصفي إلى نص بصري». وأضاف أن «التحدي الثاني الذي واجهنا هو أن العمل في حدّ ذاته كان بحاجة إلى إنتاج ضخم، ورؤية بصرية عالية الجودة، كي تتمكن من إظهار قلاع «خيبر»، حصونها ومعاركها، أي تحويل العمل من دراما إذاعية إلى دراما بصرية يراها المشاهد دون حاجة إلى سماعها». الأعمال الدرامية بأنواعها التي قدمت في التلفزيون، أعمال محكية وليست مرئية، بدليل أنك تستطيع أن تنسخها على «سي دي»، وتسمعها في سيارتك دون حاجة إلى مشاهدة». وأكد أن مسلسل «خيبر» يختلف، فقد تم تحويله إلى مشاهد بصرية تغني عن الكلام، وهذا في حدّ ذاته بالغ التكلفة، حتى زادت تكلفته عن مسلسل «عمر بن الخطاب»، ورغم أنه كتب منذ سنتين فإن الميزانية لم تتوفر لتصويره سوى هذا العام، ونفى مخرج خيبر ما أثير من أن اللوبي اليهودي في أمريكا تدخل لمنع أو تعويق إنتاج هذا المسلسل، مؤكدا «هذا كلام عار تماما عن الصحة». وقال: «إن العمل يعكس ما حدث تاريخيا من صراع بين العرب واليهود في بداية تأسيس الدولة الإسلامية، ولا أرى عملا عربيا تناوله من قبل»، لافتا إلى أنّ العمل يخدم الدعوة الإسلامية، ويصحح الصورة المغلوطة عن المسلمين، وبخاصة في الغرب. وتمنى عزيزية أن يقوم المنتج بعمل «دبلجة» للمسلسل بلغات أخرى، حتى يتم تسويقه في الدول الإسلامية الناطقة بغير العربية، لأنه يتناول حدثا تاريخيا ودينيا مهما، والصورة فيه تغني عن الحديث. ولفت صاحب «قضية رأي عام» إلى أنه يفكّر جديا في تحويل المسلسل إلى فيلم سينمائي، وبخاصة أنه تم تصويره كفيلم وليس كمسلسل، ولكي يتم تحويل الساعات العشرين التي تم تصويرها إلى فيلم سينمائي مدته ثلاث ساعات، لا بد من إعادة ترتيب وحذف، وهذا يحتاج إلى وقت حتى نتجنب الابتذال والتشويه، ولعل هذا ما يمثل التحدي الأكبر. وطالب عزيزية الذي أخرج أعمالا تاريخية ودرامية مهمة آخرها «سقوط الخلافة و»صدق وعده» ، بإنشاء صندوق عربي إسلامي يختص بإنتاج الدراما الدينية التاريخية وتطويرها، نظرا للتكلفة العالية التي تتطلبها تلك الأعمال، وحتى لا يتم الانصراف عنها.