أكد وزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي ينتمون إلى حزب الليكود الذي يقوده بنيامين نتانياهو، في أول رد فعل لهم على إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، باستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، أنهم يعارضون كل فكرة لوقف الاستيطان أو حتى التقليل من وتيرته. ولم يخف وزير النقل إسرائيل كاتز، المعروف بمواقفه العنصرية المتطرفة، أن الاستيطان سيتواصل بوتيرته المتسارعة ولا يجب انتظار الحد منه ولا يجب حتى التفكير في تجميده للسماح باستئناف المفاوضات، بدعوى أن ذلك يعد منافيا للأخلاق ولليهود، ويهدف إلى تجميد حياة المستوطنين وأبنائهم. وتعالت أصوات العديد من وزراء حكومة نتانياهو، للتأكيد على هذا الموقف، في تعارض مع الالتزام الذي أبداه رئيس حكومتهم، بمبرر أن ذلك يعد”مصلحة حيوية لإسرائيل”. وقال كاتز مجاهرا”أنا ضد تجميد الاستيطان، ولا أعتقد أن شيئا من هذا القبيل سيحصل”، في موقف متناسق تماما مع وزير الإسكان يويري ارييل ممثل لوبي المستوطنين في حكومة الليكود والمنتمي إلى الحزب الديني “إسرائيل بيتنا”، العنصري المتطرف والذي أكد أنه مع خيار البناء قدر الإمكان، وهو لذلك لا يريد حتى تصور فكرة تجميد البناءات الاستيطانية. وتكون هذه التصريحات هي التي جعلت الوزير الأول الإسرائيلي يؤكد، أنّ المفاوضات القادمة مع الفلسطينيين لن تكون سهلة و«لكننا سنخوضها بصدق والتزام”. ولكن نتانياهو عندما أكد على حسن نواياه، عاد ليؤكد مطمئنا المستوطنين أن كل اتفاق يتم التوصل إليه سيعرض على استفتاء شعبي ضمن طريقة ذكية، للقول إنه سيتفاوض حول أدنى ما يمكن أن يقدمه للفلسطينيين، وحتى هذا الشيء الضئيل سيتم عرضه على الاستفتاء. وهي رسالة أيضا باتجاه واشنطن لتخفيف الضغوط الأمريكية عليه، للقول إن مسألة حيوية بحجم مسألة الاستيطان يعود أمر حسمها للشعب الإسرائيلي، ضمن طريقة للتملص من مسؤليته في التوقيع على أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين. ويمكن الجزم، أن تصريحات نتانياهو ووزراء حكومته، ما هي إلا مجرد تقاسم للأدوار للالتفاف على تصريحات جون كيري، الذي أعلن تحقيقه لأكبر اختراق في مسار السلام، بعد حصوله على قبول فلسطيني إسرائيلي للعودة ثانية إلى طاولة المفاوضات بعد ثلاث سنوات منذ انقطاعها. وهو المكسب الذي ابتهج له كيري، ولكنه لم يكن سوى اتفاق مآله الفشل من وجهة نظر وزير الشؤون الإستراتجية الإسرائيلي يوفال ستاينتز، الذي أكد أن الإعلان عن هذا الاتفاق أفرط في التفاؤل، بسبب استحالة التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، وكان يجب فقط الاكتفاء باتفاق جزئي. ولكن تصريح افيغدور ليبرمان، وزير الخارجية السابق، ومنظر الفكر الصهيوني العنصري الجديد في حكومة الليكودي نتانياهو، أعطت خلاصة لحقيقة النوايا الإسرائيلية عندما أكد أن الصراع مع الفلسطينيين ليس له حل، وأن حلا توافقيا يبقى أفضل الخيارات المتاحة، والتعبير عن أنه لا يتعين على الفلسطينيين أن يحلموا ولو لدقيقة بإقامة دولة مستقلة على حدود جوان 1967. وهي اللغة التي سارعت الصحف الإسرائيلية إلى تغليبها، وأكدت جميعها أن كيري إذا كان قد حقق إنجازا دبلوماسيا فإنه لن يتم بالضرورة تجسيده على أرض الواقع. وقد كانت تصريحات النائب الليكيودي تزاحي هانغبي أحد أقرب المقربين من نتانياهو، بمثابة رصاصة الرحمة لاتفاق مازال في مهده، عندما أكد أن الولاياتالمتحدة إن هي وجهت الدعوة للفلسطينيين لحضور المفاوضات على أساس حدود سنة 1967 والقدس الشرقية وقطاع غزة أو وقف الاستيطان، فإن ذلك لا يعنينا في شيء بما يعني أن فرحة جون كيري لن تدوم، وإن هي دامت فإنها لمجرد إقامة مفاوضات صورية، وأخذ صور تذكارية، أمّا جوهر القضية الفلسطينية فبإمكانه أن ينتظر.