يرفض الفنان الشاب محمد سعدان، المنحدر من ڤالمة، أن يرسم الواقع حرفيّا، بل يضفي عليه لمسات كثيرة بأسلوب شبه تجريدي، مستعينا بفلسفة تعني تَساوي روح الطبيعة بروح الفنان، الذي يقوم بتحويرها عن طرق الإبداع. وفي هذا السياق، يعرض محمد سعدان ثمانيَ وعشرين لوحة بالمعهد الفرنسي (الجزائر العاصمة) وهذا إلى غاية الخامس والعشرين من شهر جويلية الجاري، تحت عنوان “مشاهد الحياة البربرية”، مترجما شتى جوانب حياة الإنسان بنظرة ذاتية محضة، رافضا أن يرسمها كما هي في الواقع، بل مؤكدا على وجوب أن تُقدَّم للجمهور بعد أن يحقق الفنان التوافق بين العالم الوجداني وعالم المُثل. تتشابه شخصيات سعدان بأعينها الكبيرة وأذرعها الطويلة، علاوة على الأيدي التي تظهر أصابعها بشكل واضح، بما أن الفنان مؤمن بأن يديه هما اللتان تصنعان الإبداع وليس العقل، ومع ذلك فشخصيات سعدان لا تطابق الإنسان في صورته الحقيقية وإن كانت تحمل بعض ملامحه، فهل قدِمت من كوكب آخر؟ شخصيات سعدان ذات الوجه المخروطي والحضور القوي لا تخاف من أحد؛ فهي تنظر إلى الجمهور وكلها تعبير عن محطات من حياة الإنسان؛ سواء النفسية أو العملية، فلوحة “نظرة حمراء” رسم فيها الفنان نسوة بوجوه صفراء وحمراء، وبعضها تضع حليّا أمازيغية رمزا لڤالمة. ورسم الفنان لوحة “الصداقة” التي تناولها من جانب عائلي، فرسم عائلة متكونة من أب وأم وطفليهما، وكلهم عناق وحب، ينظرون إلى بعضهم البعض بأعين كبيرة تفيض بالمشاعر. أما لوحتا “وعد1” و«وعد2” فتظهر فيهما شخصية جالسة تفكر، فهل تنتظر تحقيق الوعد أم أنها هي التي وعدت طرفا آخر وتخمّن في تجسيد هذا العهد من عدمه؟ نساء العاصمة أيضا لهن حضور في معرض سعدان وهن يرتدين “الحايك”، كما مثلت المرأة عنصرا هاما في المعرض؛ حيث إن معظم لوحات الفنان يزيّنها هذا الكائن اللطيف، إذ رسمها سعدان في مختلف أحوالها، حتى إنه رسم لوحة “امرأة في المطبخ”، كما رسم المرأة مع توأمها ورسم أيضا المرأة القبائلية والمرأة الحاملة للجرة. ورسم الفنان لوحة عن نساء الشرق الجزائري وهن يرتدين اللباس التقليدي، إلا أنه يحمل اللون الأبيض عكس الأسود في الواقع. بالمقابل، استعمل الفنان اللون الأزرق في عدة لوحات، مثل لوحة “الاضطراب الأزرق” ولوحة “الڤالمية” و«الحوار الأزرق”، كما اعتمد على لون الرمال؛ مترجما حبه للصحراء، فرسم لوحتي “المرأة الصحراوية1” و«المرأة الصحراوية2”، واستعمل نفس اللون في لوحة “النساء الڤالميات”، أما اللون الأصفر فكان له حظ أكبر في لوحة “الفاكهة الحمراء”.