يدفع الحريق الذي شب، مساء أمس، ببرج المراقبة لمطار الجزائر، وما تسبب فيه من تعطيل حركة النقل الجوي عبر العاصمة، إلى التساؤل حول الأسباب الكامنة وراء تأخر تجسيد مشروع برج المراقبة الجديد، الذي كانت قد شرعت فيه المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية في إطار برنامج استثماري طموح، يشمل فضلا عن إنجاز 5 أبراج مراقبة عصرية عبر عدد من مطارات الوطن، تهيئة المركز الجهوي للمراقبة الجوية بتمنراست واستقدام أنظمة رادار جديدة للتحكم الإلكتروني في تسيير حركة إقلاع وهبوط الطائرات، وتجهيزات متطورة للوقاية والأمن الجوي. فمشروع إنجاز برج المراقبة الجديد لمطار هواري بومدين كانت المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية قد وقعت على العقد الخاص بإنجاز دراسته التقنية في سنة 2008، مع المجمع الإسباني "سينير غوب"، في إطار مناقصة دولية تخص مشروع تحديث نظام المراقبة وتزويد 5 مطارات جزائرية بأبراج جديدة للمراقبة، ويتعلق الأمر بكل من الجزائر، قسنطينة، غرداية، وهران وتمنراست، وتم حينها تحديد آجال الدراسة ب6 أشهر. وعرف المشروع تقدما ملحوظا خلال تلك الفترة التي شهدت فيها المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية إنجازات هامة في إطار تجسيد مخططها الاستثماري لتسيير المجال الجوي المدرج في سياق برنامج رئيس الجمهورية لدعم التنمية، حيث تم استقدام الطائرة المخبرية الجديدة، وتجهيز مطار الجزائر بأنظمة إلكترونية للتحكم في الحركة الجوية وكذا برادار سطحي متنقل لمراقبة المركبات المتحركة على أرضية المطار. وتم في سياق تقدم المشروع إعداد التصميم النهائي لبرج المراقبة الجديد لمطار الجزائر، حيث صمم البرج بشكل عصري ومتطور، يصل طوله إلى 71 مترا، أي حوالي ضعف طول البرج الحالي البالغ 40 مترا. وتزامن عرض تصميم هذا الجناح التقني الجديد لمطار الجزائر وكذا تصاميم الأبراج الأربعة الأخرى في ديسمبر 2009، مع بعث المناقصة الخاصة بالشروع في الانجاز، والتي أثمرت مطلع العام 2010 باختيار مؤسسة وطنية للقيام بأشغال البناء بعد اكتتاب أزيد من 15 مؤسسة في العملية. وكان يفترض أن تنطلق أشغال الانجاز بشكل فعلي في شهر جوان من نفس السنة على أقصى تقدير، على أن تنتهي بعد 24 شهرا من ذلك، غير أن وزارة النقل تحفظت عن نتائج المناقصة وطالبت بتمديدها، حتى يسمح لأكبر عدد من المؤسسات الدولية بالمشاركة فيها.. ومنذ تلك الفترة التي ميزها أيضا إحداث تغييرات على مستوى إدارة المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية، لم يعرف أي جديد عن مشروع برج المراقبة الجديد لمطار هواري بومدين. ولعل من غرائب الصدف أن برج المراقبة الحالي لمطار الجزائر والذي أتت عليه النيران كان مفترضا، تبعا لنفس المشروع، أن يتم تحويله إلى مركز للمراقبة الأمنية خاص بفرق المطافئ والتدخل في حالات الطوارئ، وذلك بالنظر للموقع الاستراتيجي الذي يحتله والذي يساعد على مراقبة فضاء المطار ومحيطه بشكل جيد. وللإشارة، فإن الجزائر استثمرت خلال البرنامج الخماسي الثاني لدعم النمو 2004-2009، نحو 3 ملايير دينار لعصرنة هياكل المراقبة الجوية وتكوين عمال الحركة الجوية، بينما رصد للمخطط الاستثماري لتطوير أنظمة المراقبة الجوية الذي امتد من 2008 إلى 2012 حوالي 70 مليون أورو تم تخصيصها أساسا لاقتناء التجهيزات العصرية، ومنها الطائرة المخبرية التي تم اقتناؤها في نوفمبر 2009 لدى المؤسسة الأمريكية المتخصصة في الصناعة الجوية "سيسنا إيركرافت"، ورادارات المراقبة السطحية وأنظمة "إ أل أس" التي تساعد في عمليات هبوط الطائرات، وكان هذا المخطط الاستثماري يعرف تقدما متسارعا في تجسيده خلال السنوات الأولى من إطلاقه، غير أنه شهد تأخرا لافتا في السنوات الأخيرة، بدليل أن أحد أهم وأبرز مشاريعه والمتمثل في المركز الجهوي للمراقبة الجوية بتمنراست والذي تقدر تكلفته ب8 ملايير دينار، كان يفترض، حسب التقديرات الرسمية، أن يدخل الخدمة في صائفة 2010.