عززت المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية تقنياتها للمراقبة الجوية بأحدث التكنولوجيات المعمول بها على المستوى العالمي مع إدخالها لتقنية المراقبة بالرادار لعمليات هبوط الطائرات بمدارج مطارات شمال البلاد والتي تسمح بتنظيم مرن لهبوط الطائرات في وقت قياسي يقل عن 7 دقائق كفارق بين طائرتين، كما استقدمت المؤسسة طائرتها المخبرية الجديدة التي اقتنتها من شركة "سيسنا" الأمريكية، في انتظار تجسيد مشاريعها التنموية المتطورة التي تشمل إنجاز 5 أبراج جديدة للمراقبة ومركز تمنراست للمراقبة الجوية. وقد انتقلت المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية التي تعد إحدى المؤسسات الرائدة التي تفتخر بها الجزائر لما تمتلكه من إمكانيات تكنولوجية وكفاءات عالية، من نظام المراقبة القائم على نظام الإجراءات والمعطيات المجمعة لتوجيه الطائرات عند الهبوط في المدارج، إلى نظام المراقبة والتوجيه عن طريق الرادار بداية من شهر مارس الماضي، حيث بدأ اعتماد هذه التكنولوجيا الحديثة في تنظيم عمليات الهبوط بمطار الجزائر، قبل تعميمها على باقي مطارات شمال البلاد في 4 جوان 2009 . وحسب الشروحات التي قدمها السيد حسين بن شعبان الرئيس المدير العام للمؤسسة وكذا إطاراتها لوزير النقل السيد عمار تو خلال زيارته الميدانية أول أمس لمطار الجزائر فإن هذه التكنولوجيا الجديدة التي تسعى المؤسسة إلى تعميمها على باقي المطارات الجزائرية، تسمح للمراقب الجوي العمل بأكثر راحة وأمان، عند توليه مهام توجيه الطائرات على المدارج، حيث كانت العملية في السابق تتم وفق معطيات مكتوبة تقدم للمراقب من قبل الطيارين، ويعمل المراقب من جهته على ترتيب وتوجيه الطائرة على مسار الهبوط وفقا لتلك المعطيات دون أدنى إشارة تنبه لمكان وجود الطائرة، فيما يقدم الرادار اليوم للمراقب نظرة دقيقة عن تواجد الطائرة، تسمح له بتنظيم عمليات توجيهها للهبوط بشكل مرن، وبطريقة أسرع قد تقل عن 7 دقائق كفارق بين طائرتين، مما يمكن المؤسسة من التحكم أكثر في الأجواء من خلال تجنيب الطائرات التحليق في شكل دائري مثلما كان يتم في السابق في انتظار تحرير المدارج وترقب الضوء الأخضر من المراقب الجوي للهبوط. وقد نوه السيد تو بالتطور الكبير الذي عرفته المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية والتي يجعل منها قمة الثورة التكنولوجية التي يعرفها مجال المراقبة الجوية في العالم، مبرزا في هذا السياق البعدين الأمني والاقتصادي لتقنية المراقبة الجوية بالرادار لعملية اقتراب الطائرات من المطارات، والتي تسمح حسبه بربح فضاءات جوية جديدة للمراقبة وبالتالي موارد جديدة للمؤسسة التي تربح ما يقارب 4 ملايير دينار سنويا نظير بيعها للمسارات الجوية، لا سيما مع تزايد كثافة الحركة الجوية في الفضاء الوطني والتي تصل إلى نحو 375 ألف حركة في السنة، منها نحو 58 ألف حركة لطائرات تعبر الأجواء الجزائرية دون هبوط. طائرة مخبرية جديدة بمواصفات عالمية وخلال وقوفه على مختلف المنشآت والتجهيزات التابعة للمؤسسة الوطنية للملاحة الجوية بمطار الجزائر، عاين وزير النقل المستودع الجديد للمؤسسة والطائرة المخبرية الجديدة التي تم استلامها في 29 نوفمبر الماضي من الشركة الأمريكية المتخصصة في الصناعة الجوية "سيسنا إيركرافت"، وهي الطائرة التي تستخدم في مجال تعيير وقياس المسالك الجوية، ومختلف التجهيزات العاملة في ميدان المراقبة الجوية، لضبطها وفق احدث المقاييس الدولية المعمول بها في هذا المجال. ويأتي استقدام المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية للطائرة المخبرية الجديدة من نوع "أكس أل أس" التي تستخلف الطائرة القديمة من نوع "أش أس 125" ضمن البرنامج الإستثماري الذي أعلنته المؤسسة في السنوات الأخيرة، والرامي إلى عصرنة الوسائل التقنية وذلك تطبيقا لتوصيات المنظمة العالمية للطيران المدني الخاصة بالأمن الجوي. ويعتبر نوع الطائرة التي اقتنتها الجزائر من الشركة الأمريكية المتخصصة من أحدث الأنواع المتطورة وأكثرها دقة في مجال التعيير الجوي، وذلك بفضل تجهيزها بالنظام الآلي للمعاينة والمراقبة أثناء الطيران، من طراز "أونيفيس 3000" المصنع لدى المؤسسة النرويجية "أن أس أم". وفي حين تفكر المؤسسة في بيع الطائرة القديمة التي لازالت قابلة للاستخدام، للتخفيف من حدة استثمارها في التقنيات الجديدة، أشار وزير النقل إلى إمكانية استخدام هذه الطائرة المخبرية، في نشاط نقل الشخصيات المهمة والمسؤولين، على اعتبار أنها مجهزة بأحدث وسائل الراحة والرفاهية. 5 أبراج مراقبة جديدة ومركز جهوي للمراقبة بتمنراست اطلع الوفد الإعلامي الذي رافق وزير النقل في زيارته لمنشآت الملاحة الجوية بمطار الجزائر على التصاميم الخمسة لمشاريع الأجنحة التقنية التي سيتم انجازها بكل من مطار الجزائر، مطار وهران، غرداية، تمنراست، وقسنطينة، وتشمل هذه الأجنحة التقنية المكاتب الإدارية وأبراج المراقبة الجديدة التي ستتعزز بها المنشآت المطارية، ومنها برج المراقبة الجديد لمطار الجزائر الذي صمم بشكل عصري ويصل طوله إلى 71 مترا، أي حوالي ضعف طول البرج الحالي البالغ 40 مترا، وستجتمع في البرج الجديد مهام المراقبة الجوية للطائرات علاوة على مراقبة كل الآليات المتحركة داخل فضاء المطار لضمان أكبر قدر ممكن من الأمن، انطلاقا من الرادار السطحي الجديد الذي شرعت المؤسسة في استخدامه في العام الماضي. وبخصوص تقدم عملية تجسيد مشاريع الأبراج الخمسة، أوضح السيد بن شعبان أن عملية فتح الأظرفة الخاصة بالعروض ستتم خلال نهاية شهر جانفي المقبل على أن تستكمل عملية الانجاز بعد 24 شهرا كأقصى تقدير، مشيرا إلى أنه تم لحد الآن تسجيل سحب 15 مؤسسة أغلبها مؤسسات وطنية عمومية لدفاتر الاكتتاب في المناقصة، أما عن مصير برج المراقبة الحالي لمطار الجزائر، فأوضح المسؤول ان المؤسسة تفكر في تحويله إلى مركز للمراقبة الأمنية خاص بفرق المطافئ والتدخل في حال الطوارئ وذلك بالنظر للموقع الاستراتيجي المساعد على عملية مراقبة فضاء المطار ومحيطه. من جانب آخر أبرز وزير النقل لدى تطرقه لأهمية الاستثمارات التي نفذتها الدولة من خلال المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية، التقدم المسجل في مشروع انجاز المركز الجهوي للمراقبة الجوية بتمنراست والذي سيمكن من ضمان تغطية أفضل للمجال الجوي بجنوب البلاد، مؤكدا في الصدد بأن غياب هذا المركز في الوقت الحالي لا يعني بان الأجواء الوطنية ليست مؤمنة بالشكل اللازم، وإنما الأمر يتعلق بتوزيع مهام المراقبة الجوية على الفضاء الوطني الشاسع وضمان تحكم اكبر في هذه المهمة النبيلة.