أصبحت الظاهرة الإرهابية هاجسا للسلطات والشعب التونسي على السواء، بعد تواتر الحديث عن عمليات إرهابية وحملة اعتقالات وتوقيفات لأشخاص اتهموا بالتورط في العمل الإرهابي. وكانت عملية اقتحام منزل في إحدى ضواحي العاصمة تونس والقضاء على أحد المشتبه فيهم واعتقال أربعة آخرين بشبهة العمل الإرهابي حديث الساعة في تونس، وشكلت مادة إعلامية خام لمختلف وسائل الإعلام التونسية. وهو الاهتمام الذي ما انفك يتزايد منذ عملية الاغتيال، التي ذهب ضحيتها عشرة جنود تونسيين في كمين نصبته لهم عناصر إرهابية في جبل الشعانبي بولاية القصرين في غرب البلاد. وأكدت وزارة الداخلية التونسية مقتل شخص وإلقاء القبض على أربعة آخرين يعتقد أنهم ناشطون ضمن خلية إرهابية "خطيرة"، اتخذ عناصرها منزلا بحي الوردية بالضاحية الجنوبية العاصمة التونسية مسكنا لهم. وأقدمت وحدة خاصة فجر أمس، على اقتحام منزل كان يأوي عناصر المجموعة الخطيرة، حيث تم القضاء على عنصر من بينهم، بعد اشتباك معهم بالسلاح الناري، بينما اعتقل الأربعة الآخرين. ولكن البيان المقتضب لوزارة الداخلية التونسية لم يوضح التهم الموجهة للمجموعة ولا طبيعة الأعمال التي يقومون بها. وكانت مصالح الأمن التونسية أحبطت ليلة السبت إلى الأحد محاولة اغتيال استهدفت شخصية سياسية لم تحدد هويتها، واكتفت بالتأكيد أنها تمكنت من إلقاء القبض على إرهابيين خطيرين وحجز سلاحيهما، بينما تمكن الثالث من الفرار بمدينة سوسة الواقعة على بعد 140 كلم جنوب العاصمة تونس. وأكدت مصادر أمنية، أن الوحدة التي حاولت اقتحام منزل أحد المشتبه فيهم تعرض لطلق ناري من هذا الأخير الذي تمكن من الفرار، بينما تمكنت الوحدة الأمنية من العثور على قنابل يدوية وأسلحة حربية. وتأتي هذه العملية أسبوعا بعد مقتل النائب المعارض محمد براهمي في منزله من طرف مجهولين، أكدت وزارة الداخلية التونسية أنهما من العناصر الإرهابية المسلحة. كما أنها تأتي في سياق أكبر عملية تمشيط عسكرية لغابات جبل الشعانبي في غرب البلاد، والذي اتخذته مجموعة عقبة بن نافع المسلحة معقلا لها. وعرفت تونس منذ انتصار ثورة الياسمين شهر جانفي 2011 تناميا ملحوظا للظاهرة الإرهابية ولعناصر تنظيماتها، الذين وجدوا في الانفتاح والحرية التي أفرزتها عملية الإطاحة بنظام الرئيس السابق مناسبة للجهر بأفكارهم المتطرفة، قبل أن ينتقلوا إلى المرحلة العملية . وكانت عملية الاغتيال التي ذهب ضحيتها النائب شكري بلعيد في السادس فيفري الماضي، بمثابة ناقوس خطر على حقيقة هذه الظاهرة في تونس. وأمام هذا التصعيد، أكد رئيس الحكومة التونسية المؤقتة علي لعريض أمس، على أن الإرهاب خطر حقيقي يهدد بلاده، وأن مواجهته لا يمكن أن تكون إلا بالوحدة الوطنية وتجاوز الخلافات الحزبية وتوحيد صفوف الشعب التونسي لمحاربة هذه الظاهرة. وحذر رئيس الحكومة التونسية المؤقتة، من "أن مكافحة الإرهاب تحتاج إلى المثابرة وإلى العمل الدؤوب من أجل تطوير الخطط وطرق العمل والتشاور المتواصل من أجل القضاء على هذه الظاهرة ". ويحاول رئيس الحكومة التونسية أن يستغل تنامي الظاهرة الإرهابية من أجل تخفيف الضغوط السياسية الممارسة على حزبه، حركة النهضة الإسلامية التي وجدت نفسها بسبب عمليات الاغتيال الأخيرة في قلب دوامة أزمة سياسية تكاد تعصف بها، بعد أن اتهمها خصومها بالفشل في أدام مهمتها والعجز عن تحقيق أهداف ثورة الياسمين.