بدأت السلطات المصرية تنتهج سياسية العصا والجزرة في كيفية تعاطيها مع حركة الإخوان المسلمين، بعد أن تبنت خطاب التهديد والوعيد، وفي نفس الوقت إبداء اهتمام بفكرة فتح أبواب حوار معها، في محاولة لإقناعها بإخلاء الساحات العمومية التي يعتصم أنصارها فيها منذ عزل الرئيس محمد مرسي. فقد حددت العدالة المصرية أمس، تاريخ الخامس والعشرين من الشهر الجاري موعدا لمحاكمة ستة قياديين من حركة الإخوان، وعلى رأسهم مرشد الجماعة محمد بديع ومساعديه خيرت الشاطر ورشاد بيوني بتهمة التحريض على القتل، بعد مقتل ثمانية أشخاص نهاية شهر جوان الماضي حاولوا اقتحام مقر الحركة بالعاصمة القاهرة. ولكن السلطات المصرية باشرت في المقابل مفاوضات بقيادة الجيش من جهة والإخوان من جهة أخرى، بمساعدة مبعوثين أوروبيين وأمريكيين لتسهيل عملية الوساطة على أمل التوصل إلى مخرج لمأزق داخل شهره الثاني. وتم الكشف لأول مرة ضمن تداعيات القبضة بين الجيش وحركة الإخوان، عن لقائين ضما وزير الدفاع الجنرال عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس الوزراء حازم الببلاوي وقيادات أحزاب سياسية وبعض الدعاة خصصا لبحث الأزمة السياسية في البلاد. وأكدت مصادر رسمية، أن الجنرال السيسي شدد التأكيد على أن الفرصة "متاحة لحل الأزمة سلميا، شريطة التزام كل الأطراف بنبذ العنف ،، والاعتراف بالأمر الواقع والالتزام بخارطة الطريق المنبثقة عن 30 جوان". وأضاف، أن القوات المسلحة تقدر جميع الجهود المبذولة من قبل كل الأطراف التي تؤدي إلى فض الاعتصامات بالطرق السلمية. وحظي أول لقاء معلن بين وسطاء من "التحالف الوطني لدعم الشرعية الذي تتزعمه جماعة الإخوان المسلمين مع الجيش، اهتمام وسائل الإعلام المصرية خاصة أنه يتزامن مع تقارير غربية تشير إلى وجود ضغوط أمريكية على الجيش والحكومة في مصر، من أجل وقف أي استعمال للقوة ضد المعتصمين من أنصار الرئيس السابق، والتريث انتظارا لما ستسفر عنه الوساطات الأوروبية الأمريكية من أجل تسهيل فتح حوار لتهدئة الأجواء ووقف العنف. وضم وفد جماعة الإخوان عبد الرحمن البر، عضو مجلس شورى الجماعة وأيمن عبد الغني القيادي بحزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لحركة الإخوان، وأعضاء آخرين من حزب البناء والتنمية وحزب الأصالة الذين سلموا مقترحات للسلطات الانتقالية حول سبل "حقن الدماء وعدم فض الاعتصامات بالقوة وتهيئة الأجواء لمصالحة حقيقية، ومطالبة وزير الدفاع بالإفراج عن "المعتقلين السياسيين" من بعد 30 جوان وإسقاط جميع القضايا ضدهم. وأشار الشيخ محمد حسان الذي ترأس الوفد، إلى أن السيسي"وعد بعدم فض الاعتصامات بالقوة". وطالب أعضاء القيادة العسكرية الذين حضروا اللقاء من جهتهم، بضرورة "تهدئة الخطاب على منصتي رابعة العدوية والنهضة، وأن تظل الاعتصامات سلمية في أماكنها". وكان بيان مجلس الدفاع الوطني المصري الذي نشر أمس متناغما مع جهود الوساطات المحلية والدولية من أجل ضبط النفس وإعطاء مهلة لتهدئة النفوس، تمهيدا لوقف العنف والشروع في حوار لإيجاد حل سلمي للأزمة في البلاد. ودعا المجلس المعتصمين من أنصار الرئيس المعزول إلى "نبذ العنف نبذا قاطعا"، وأن يسعوا إلى العودة إلى الصف الوطني والالتحاق بخارطة المستقبل مع بقية أبناء الوطن. غير أن التحالف جدد تمسكه "بالشرعية الدستورية" كأساس لأي حلول سياسية للأزمة وكذا بحق التظاهر والاعتصام في إطار سلمي.