أكد عدد من باعة الذهب، أن سوقه انتعش مؤخرا بسبب انخفاض أسعار هذا المعدن عالميا، وهو ما سمح بتصريف بعض بضاعتهم التي تكدست لأعوام. ورحّب، من جهتهم، عدد من المواطنين بهذا الانخفاض، حيث سمح لهم باختيار بعض القطع أو الأطقم خاصة المقبلين على الزواج، فيما اختارت بعض النسوة اقتناء بعضها كأحسن وسيلة لادّخار الأموال؛ فالمثل الشعبي يقول: “الحدايد للشدايد”. انخفضت أسعار الذهب بشكل كبير، مسجلة أدنى مستوياتها منذ 5 سنوات، فيما شهد سوقها إقبالا كبيرا وانتعاشا في عمليتي البيع والشراء، حيث يُعتبر هذا الانخفاض فرصة تاريخية قد لا تتكرر، خاصة أن الذهب لا يفقد قيمته على الإطلاق. خلال جولة ل “المساء” ببعض محلات بيع الذهب بالجزائر الوسطى، أكد تجار أن أسعار الذهب قد تراجعت بحوالي 20 إلى 25%، وهو ما لم يحدث منذ خمس سنوات تقريبا، وتحديدا منذ عام 2008.
انتعاش عملية بيع وشراء المعدن النفيس وقال صائغ في شارع “العربي بن مهيدي” بالعاصمة، إن الأسعار انخفضت بشكل لم يكن متوقّعا، ووصل سعر الغرام عيار 18 المتداول كثيرا قبيل أسابيع، إلى 3900 دج بعد أن كان سعره بداية العام الجاري في حدود 5500 دج، وهذا الفارق الكبير ساعد على انتعاش السوق بشكل واضح، مشيرا إلى الإقبال الملحوظ في الوقت الحالي على الشراء، والقلة من المستهلكين من يلجأ للبيع. وأضاف أن أكثر الفئات التي تقبل على الشراء في الوقت الحالي هم المقبلون على الزواج، والراغبون في شراء بعض القطع كهدية بالنظر إلى إمكانية ذلك، وهناك فئة عريضة من النساء خاصة الشابات العاملات ممن يغتنمن الفرصة لشراء بعض القطع للاستعمال الشخصي، أو للادخار. والمرجّح أن هذا الانخفاض لن يستمر طويلا حسب المتحدث، الذي يتوقع أن يبدأ سعر الذهب في الارتفاع مرة أخرى مع نهاية السنة الجارية. من جهته، اعتبر صائغ آخر هذه الفترة فرصة تاريخية لشراء المصوّغات، مشيرا إلى أن الكثيرات يترددن على محله يوميا، ليتأكدن من أمر تراجع سعر الذهب؛ تمهيدا لعودتهن لاقتناء بعض القطع. وقدّم التاجر بعض الشرح؛ في كون الاختلاف في أسعار الغرام الواحد يكون في النوعية التي يريدها المستهلك إما المحلية أو المستورَدة، وهذا ما لاحظته “المساء”، حيث إن أسعار الغرام الواحد من المعدن الأصفر تختلف من صائغ لآخر، إذ لم نقف أثناء استطلاعنا على سعر موحد بين الباعة، إذ أن معدله يتراوح بين 4500 و 5500 دج، بينما استقر سعر الغرام الواحد من الذهب المستورَد في حدود 6000 دج. أما لدى الباعة المتجولين فيتراوح بين 4200 و4700 دج بالنسبة للذهب المصنوع محليا. من جهتها، هوت أسعار بيع الذهب المستعمل (الكاسي) كثيرا، إذ يؤكد صائغ من شارع علي بومنجل، أن سعر الغرام الواحد من الذهب المستعمل هوى إلى 2900 دج قبيل أيام، و يصل اليوم إلى حدود 3200 دج، ولكن تبقى الأسعار متذبذبة. وعلى صعيد آخر، اعتبر شاب يستعد للزواج، أن انخفاض سعر الذهب أمر غير متوقع، مبيّنا أن هذا الانخفاض سيمكّنه من شراء القطع الأساسية لعروسته، فيما سعدت شابة بنزول سعر الذهب المفاجئ، خصوصا أنها باعت كل ذهبها العام الماضي لحاجتها إلى مبالغ مالية، مشيرة إلى أنها ستستغل هذه الفرصة لتعويض ما باعته، معتبرة أن نزول سعر الذهب مايزال في بدايته، وسينخفض أكثر مع الوقت، لذا ستنتظر قليلا.
انخفاض جديد محتمل يقول خبير في مجال الذهب تحدّث مع “المساء”، إن أسعار الذهب تقف على عاملين أساسيين، هما سعر برميل النفط وسعر الدولار، فكلما ارتفع سعر برميل النفط ارتفعت معه أسعار الذهب، وكلما انخفض سعر الدولار الأمريكي زادت أسعار الذهب. وتوقّع أن تتراجع أسعار المعدن النفيس أكثر دون أن يحدد فترة معيّنة، مرجعا ذلك إلى أن التجار عندنا لا يلجأون إلى خفض سعر الغرام الواحد بمجرد تراجع سعر الذهب في البورصات العالمية؛ لأنهم اشتروه مسبقا بسعر مرتفع ولا يمكنهم البيع بخسارة؛ لذلك فهم ينقصون سعره بنسبة ضئيلة شيئا فشيئا ولكن بصفة محسوسة، خاصة بالنسبة للمستهلك، الذي لمس ارتفاع سعر الذهب الكبير في السنوات الماضية واعتاد على أخذها منحى تصاعديا لسنوات متتالية، وفجأة يهوي السعر إلى ما كان عليه قبل سنوات الأزمة الاقتصادية العالمية، التي شهدت أسعار الذهب إثرها ارتفاعات قياسية. ويشير المتحدث إلى أن الذهب مادة تحتفظ بقيمتها ويمكن تحويله إلى نقد في أي وقت، مبيّنا أن الانخفاض الذي حدث أمر مهم؛ لأنه على مدار سنوات عديدة لم يحدث مثل هذا الانخفاض، ويرى أن حركة البيع والشراء قد تنتعش بسرعة خاصة في موسم الصيف والأعراس؛ خوفا من ارتفاعه من جديد، كما قد يتريث البعض في انتظار انخفاض جديد محتمل، إلا أن المؤشرات بشكل عام، تشير إلى أن هذا التغير غير ثابت.