استمر الوضع المتوتر بمصر التي شهدت اندلاع مزيد من الاشتباكات بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي وقوات الأمن في مناطق مختلفة مخلفة سقوط المزيد من القتلى. ولقي 70 شخصا مصرعهم، أمس الجمعة، في مختلف الاشتباكات التي شهدتها البلاد، وقالت وزارة الصحة المصرية إن أربعة منهم سقطوا بالإسماعيلية عبر قناة السويس وثمانية قتلوا بدمياط الواقعة بالشمال من دون أن تحدد إن كان الأمر يتعلق بمقتل متظاهرين أو عناصر الشرطة. ولكن مصادر أمنية أكدت مصرع شرطي خلال هجوم على نقطة تفتيش من قبل مجهولين في نواحي القاهرة، في وقت اندلعت فيه اشتباكات بين أهالي منطقة بولاق أبو العلا اعلى كوبري 15 مايو ومسيرات لأعضاء الإخوان المسلمين كانت متجهة إلى ميدان رمسيس. وأغلق أهالي منطقة بولاق أبو العلا كوبري 15 مايو أمام المسيرات المؤيدة لمرسي التي كانت قادمة من مسجد مصطفى محمود بالمهندسين والتي كانت تحاول التوجه لميدان رمسيس للانضمام إلى مسيرات أخرى تتظاهر بالميدان. ونفس المشهد عاشته الإسكندرية إثر اندلاع اشتباكات وتبادل لإطلاق نار عشوائي بين أنصار لجماعة الإخوان المسلمين ومجهولين بمنطقة سيدي بشر على خلفية تشييع عدد من جثامين ضحايا الاشتباكات التي وقعت خلال اليومين الماضيين. واستمرت الاشتباكات بالتراشق بالحجارة وتبادل لإطلاق النيران وإلقاء زجاجات المولوتوف بين الطرفين، مما أدى إلى حدوث حالة من الكر والفر والارتباك بمحيط المدافن التي تحركت باتجاهها المسيرات التي انطلقت عقب صلاة الجمعة. وانطلقت مسيرات أمس بالقاهرة وعدة مدن مصرية أخرى دعا إليها "تحالف دعم الشرعية" المؤيد للرئيس المعزول تحت شعار "مليونية الغضب" احتجاجا على فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية والنهضة بالقوة الأربعاء الماضي وسقوط مئات الضحايا. واعتبر التحالف في بيان له نشر أن رفض "النظام الحالي والمطالبة بزواله فريضة إسلامية وطنية وأخلاقية وإنسانية ولا يمكن التخلي عنها". وفرضت السلطات المصرية منذ الأربعاء الماضي حالة الطوارئ عقب تدهور الأوضاع الأمنية بعد الأحداث الدامية التي راح ضحيتها أكثر من 500 قتيل في الحصيلة الرسمية وأكثر من ألفين بحسب الإخوان. وتقيد حالة الطوارئ المظاهرات والاعتصامات في الشوارع يعطي للشرطة وقوات الجيش الضبطية القضائية كما فرضت حظر التجوال .في 14 محافظة. ووجهت وزارة الداخلية تعليمات لقوات الشرطة باستعمال الذخيرة الحية ضد كل من يحاول مهاجمة قوات الأمن أو المنشآت الحيوية في إطار الدفاع عن النفس. واتخذت قوات الأمن والجيش، صباح أمس، إجراءات أمنية مشددة وانتشرت على محاور العاصمة وأمام المنشآت الحيوية لتأمين القاهرة خلال المظاهرات التي دعا إليها أنصار الرئيس المعزول. وهو ما تسبب في شلل شبه كلي للحركة، حيث أغلقت كثير من المحلات التجارية والمؤسسات أبوابها بسبب الوضع الأمني المتوتر وفرض حظر التجوال ابتداء من الساعة السابعة مساء إلى السادسة صباحا. وقالت الرئاسة المصرية إن مصر "تواجه أعمالا إرهابية" تستهدف مؤسسات حكومية ومنشآت حيوية.. كما أن "جماعات العنف المسلح استهدفت إزهاق الأرواح والملامح الحضارية للدولة المصرية". وتواصلت ردود الأفعل الدولية على القلقلة والمنحى الذي أخذته تطورات الأحداث في مصر، حيث عبرت في مجملها عن خشيتها من أن تؤدي "التصريحات التي لا تستند إلى حقائق الأشياء لتقوية جماعات العنف المسلح وتشجيعها في نهجها المعادي للاستقرار والتحول الديمقراطي". وبينما عبر مجلس الأمن عن "أسفه العميق" لسقوط ضحايا من المدنيين في أعمال العنف التي اندلعت في مصر الأربعاء، قالت مندوبة الأرجنتين الدائمة لدى الأممالمتحدة التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية لأعمال المجلس لشهر أوت الجاري أن هذا الأخير طالب بضرورة وقف أعمال العنف وطالب جميع الأطراف في مصر بضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والمضي في عملية المصالحة الوطنية. من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيرا للمواطنين الأمريكيين أوصتهم فيه بتأجيل السفر إلى مصر كما أوصت رعاياها في القاهرة بالمغادرة بسبب زيادة حدة الاضطرابات في البلاد. ودعت العديد من الدول والمنظمات الدولية جميع الأطراف في مصر إلى ضبط النفس ووقف استعمال "القوة المفرطة" من قبل قوات الأمن ضد المتظاهرين. كما أوصت عدد من الدول الأوربية رعاياها في القاهرة بالمغادرة وحذرت النرويج والسويد والدانمارك رعاياها من السفر إلى مصر وقررت شركات السياحة في البلدان الاسكندنافية إجلاء مسافريها من مصر في ظل تنامي الاضطرابات في البلاد. يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه مصر تدهورا للوضع الأمني، حيث أكدت مصادر أمنية وطبية الليلة الماضية سقوط 13 قتيلا في صفوف قوات الأمن والجيش ومدنيين بشمال سيناء يوم الخميس في هجمات مسلحين مجهولين ليرتفع بذلك عدد القتلى خلال 48 ساعة الماضية بهذه المحافظة وحدها إلى 17 قتيلا ونحو 40 مصابا. وقد سجلت خلال 24 ساعة الماضية العديد من حوادث العنف والهجمات المسلحة على مراكز وحواجز الشرطة والجيش في العديد من المحافظات بالدقهلية وأسيوط والمنيا والجيزة والسويس وبورسعيد وشمال سيناء نسبتها مصادر أمنية لمنتمين للإخوان المسلمين والتيار الإسلامي الحليف لها.