دعا وزير الاتصال، السيد محمد السعيد، أمس، الإذاعات والتلفزيونات الإفريقية إلى تقديم أحسن صورة عن القارة، من خلال رفع تحدي فك العزلة الرقمية وتحقيق التزام اتحادها القاري في إطار قمة الألفية لمنظمة الأممالمتحدة، والمرتبط بجعل التكنولوجيات الحديثة في متناول الجميع بحلول سنة 2015، وإذ أكد في سياق متصل وعي الجزائر بأهمية هذا التحدي الذي دفعها إلى بذل جهود مضاعفة ورصد اعتمادات ضخمة لبناء مجتمع المعلومات، أشار الوزير إلى أن 85 بالمائة من سكان الجزائر سيستفيدون من التلفزيون الرقمي الأرضي مع نهاية سنة 2013، فيما تمت رقمنة إنتاج جميع المحطات الإذاعية المقدر عددها ب55 محطة. وأوضح السيد محمد السعيد في كلمته أمام المشاركين في أشغال الندوة الإفريقية حول موضوع "الانتقال المنسجم والناجح إلى التلفزيون الرقمي والإذاعة الرقمية" المنظمة من قبل الاتحاد الإفريقي للإذاعة والتلفزيون، أن غاية الجزائر من خلال مسعى تعميم الرقمنة في الإذاعات والتلفزيونات والبث التلفزي، وتوسيع دائرة استغلال تكنولوجيا الإعلام والاتصال، والذي وضعت لأجله مخططا وطنيا وشكلت له لجنة وطنية للاستراتيجية الرقمية حتى تكون مع موعد مع الانتهاء من العمل بالنظام التماثلي بحلول ديسمبر 2015، يتمثل أساسا في استغلال أحدث الوسائل التكنولوجية لتحسين حياة المواطن وتوفير الراحة له، مشيرا إلى أن التحدي الأكبر القائم أمامها الآن، هو تقليص الفجوة الرقمية، في انتظار سدها وتطوير الصناعة الإلكترونية الوطنية وتكوين الطاقات البشرية وإنتاج البرامج كما ونوعا، وصولا إلى جعل التكنولوجيات الجديدة في متناول الجميع في 2015 مثلما التزمت بذلك قمة الألفية لمنظمة الأممالمتحدة في سنة 2000. وفيما اعتبر هذه العملية ضرورة حتمية في صنع مستقبل البلاد والتفاعل الإيجابي مع التحولات العالمية، أبرز الوزير وعي الجزائر بأهمية رهان تكنولوجيات الرقمنة الجديدة. مشيرا إلى أنها لم تتردد، بتوجيه متجدد من رئيس الجمهورية، في رصد الاعتمادات اللازمة، لتجسيد مسعاها في بناء مجتمع المعلومات. من جانب آخر، أكد وزير الاتصال أن الإذاعات والتلفزيونات الإفريقية التابعة للقطاع العمومي، مطالبة قبل غيرها بتقديم أحسن صورة عن إفريقيا وتشجيع التبادل الثقافي بين شعوبها وحماية قيمها وإحياء تراثها، وتلبية متطلبات الاطلاع والتعلم والابتكار، داعيا السلطات العمومية في بلدان القارة إلى الإسهام في إنجاح هذا المسعى عن طريق التحفيزات المادية وتعميم تعليم الإعلام الآلي في المدارس الابتدائية، مع مرافقة هذه الجهود بتشريع يضمن الوصول العادل إلى استعمال الترددات واحترام التزامات الإنتاج والتوزيع، والمبادئ العامة لممارسة المهنة مع إعطاء الأولوية لمحتوى البرامج وجودتها. وقدم السيد محمد السعيد بعض المؤشرات الخاصة بالقارة الإفريقية، حيث أشار إلى أن إفريقيا تعد القارة الثانية بعد آسيا من حيث عدد السكان واستطاعت بعد أن استتب فيها الأمن والسلم والاستقرار أن تنصهر في حركة التنمية الاقتصادية حتى بلغ متوسط النمو الاقتصادي في الفترة ما بين 2000 و2009 نسبة 5,1 بالمائة، فيما لا زالت القارة تعاني في المقابل من التخلف التكنولوجي، حيث يعيش ما يقارب 300 مليون نسمة تحت خط الفقر، رغم ما تتمتع به من مقومات أساسية للتنمية من ثروات طبيعية ويد عاملة ومنحى تصاعدي في نسبة التمدن وسيطرة فئة الشباب في هرم السكان. وفي سياق ذي صلة، ذكر الوزير أن الدراسات الحديثة بينت أن زيادة 10 بالمائة في نسبة نفاذ التدفق السريع والأكثر سرعة أو كما يسمى عالميا بالنطاق العريض تؤدي إلى زيادة إضافية في المنتوج الداخلي الخام بنسبة 1,3 بالمائة، مشيرا إلى أنه لا يوجد تناقض بين النظرة الاقتصادية والنظرة الإنسانية إلى فوائد الإنترنيت، حيث أن "تفضيل المستثمرين ومستخدمي الاتصال الاستثمار في تطوير البنى التحتية يتكامل مع قناعة الفاعلين المدنيين بأن الأنترنيت تستطيع أن تأتي بحلول جديدة". من جهته، أكد رئيس الدورة، السيد توفيق خلادي، المدير العام للتلفزيون الجزائري، أن العمل جار حاليا من قبل الاتحاد لبلوغ الرقمنة مع مطلع 2015، مشيرا إلى أن اللقاء هدفه تقييم ما تم تحقيقه وتنسيق الجهود في إطار التبادل والتكوين بين الدول الأفريقية. وفيما أشار إلى الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة لتجسيد مخطط الرقمنة في الجزائر، اعتبر السيد خلادي التحدي القادم بالنسبة للإذاعات والتلفزيونات العمومية في إطار هذا المسعى يشمل تطوير نوعية المضامين. للإشارة، تم تنظيم الندوة التي يشارك فيها ممثلون عن 23 بلدا إفريقيا، حول ثلاثة مواضيع أساسية، تتمثل في "التحول الرقمي، المثال الجزائري"، "التجربة الإفريقية في الانتقال للبث الرقمي" و«البرامج الجديدة للمساهمة والتوزيع". وبالمناسبة فقد نوه السيد دياديي توري ممثل إفريقيا في الاتحاد الدولي للتكنولوجيات الإعلام والاتصال، بمستوى التقدم الكبير الذي بلغته الجزائر في مجال تعميم الرقمنة، مبرزا أهمية تجربتها ودورها في مرافقة الدول الإفريقية ومساعدتها في تجسيد الالتزام الذي يفرض على كل الدول رقمنة نظام البث الإذاعي والتلفزي في جوان 2015.