استحداث وزارة مكلَّفة بإصلاح الخدمة العمومية في إطار التعديل الحكومي الأخير الذي أجراه رئيس الجمهورية، دليل على الأهمية المولاة لهذا الجانب؛ لما له من تأثير مباشر على السير الحسن لباقي القطاعات. فالحكومة التي أراد لها رئيس الجمهورية أن تكون منسجمة لرفع التحديات المنتظرة وترقية مستوى الأداء خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، استحدث فيها منصب وزير مكلف بإصلاح الخدمة العمومية، انطلاقا من كون هدف الحكومة الأول والأخير هو خدمة المواطن، وبالتالي فإن تقديم خدمة تستجيب للانشغالات اليومية للمواطن تتطلب إعادة تكريس علاقة جديدة بين المواطن وإدارته والقضاء على العراقيل البيروقراطية، التي تفتح المجال لآفات اجتماعية عشعشت في المجتمع على حساب مصلحة الوطن والمواطن، وفي مقدمتها آفة الرشوة التي باتت مدخلا للفساد في المجتمع بكل أشكاله. فمصداقية عمل الحكومة تكمن في تجاوز هذه العراقيل وبناء علاقة ثقة وتعاون بين المواطن ومؤسساته، حتى لا يشعر لا بالتهميش ولا بالحڤرة التي باتت تمارَس علناً من طرف أشباه الإداريين والمسؤولين، الذين أساءوا للدولة وداسوا على القوانين، حتى باتوا مصدر كل التوترات الاجتماعية والإشاعات وتزييف الحقائق لزرع اليأس في المجتمع. إن العلاقة بين المواطن وإدارته إذا اهتزت فلن يُكتب لأية جهود تنموية أن تكلَّل بالنجاح ولا لأية مشاريع أن ترى النور، وبالتالي فإن حرص رئيس الجمهورية على إعادة الاعتبار لهذه العلاقة هو عين الصواب؛ لأن كل شيء متوقف على تعزيز هذه الثقة، التي تجعل من المواطن العامل الفعال رقم واحد في دفع وتحريك دواليب التنمية وكسر كل الحواجز والعراقيل من طريقها.