تميزت سهرة أول أمس المسرحية في ظل المهرجان الدولي الخامس ببجاية، بتعدد العروض، غير أنها تزامنت في وقت واحد. ففي الوقت الذي عُرضت مسرحية لمسرح بجاية الجهوي عُرضت مسرحية تونسية تحت عنوان “ترى ما رأيت” بدار الثقافة، وفي الوقت الذي عُرضت المسرحية البلجيكية بالقاعة الكبرى بالمسرح الجهوي كانت بالقاعة الصغرى تُعرض مسرحية سودانية تحت عنوان “فنورة التنور”. العرض التونسي الذي احتضنته القاعة الكبرى بدار الثقافة ببجاية، كان عبارة عن نصوص شعرية قدّمها في شكل إيحائي مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين، نصوص شعرية قدّمها كمال بوعجيلة، الرقص المسرحي نجيب بن خلف الله، والمشاهد السينمائية من تنفيذ مفتاح بوكريع، وموسيقى إبراهيم بهلول، وسينوغرافيا وإخراج أنور الشعفاني. نصوص شعرية مرفوقة بموسيقى وحركات رقصية، وكانت أقرب إلى أمسية شعرية منها إلى مسرحية بلغة شعرية جميلة مكثفة، تسرد الهم العربي بكل أبعاده السياسية والاجتماعية والعقائدية. أما المسرح البلجيكي فعبارة عن سرد حواري بين امرأتين ترويان حياتهما في الجزائر عن أبويهما، واحدة عن أمها والأخرى عن والدها. وفي السرد المسرحي غمز وإيحاء آخر، على أن الثورة لم تكن بالصورة التي نتصورها نحن الجزائريين. دار الحوار أو الحديث عن أحداث 08 ماي 1945، ثم ثورة التحرير. وما يمكن أن نقوله أو نعلّق به على هذه “السردية”، أن التاريخ ليس سردا مسرحيا وإنما أحداث تشهد لها مقابر الشهداء على كل شبر من هذا الوطن، خصوصا ونحن نحتفل بعيد ثورتنا وثورتهم؛ 59 سنة على انفجارها المقدس. المسرحية السودانية “فنورة التنور” التي كتب نصها هدى مامون وأخرجتها وجسّدها كل من هشام صلاح وخالد طه وعادل علي، هي مسرحية تروي مراحل إنسانية، وتُسقط عليها أصوات الأنبياء والشخصيات الحية في الذاكرة الاجتماعية، كقصة النبي يوسف عليه السلام، آدم، الهدهد، زرقاء اليمامة وغيرها، وهي عبارة عن إسقاطات تحاول أن تستشف منها المستقبل؛ هروبا من الواقع الحياتي المر الذي يعيشه الإنسان العربي في متاهات وحلقات لا يستطيع الانفلات منها، وقد احتضنت المسرحية القاعة الصغرى بالمسرح الجهوي ببجاية. إن كثافة العروض المسرحية وتزامنها في وقت واحد، صعّبت علينا مهمة العمل ومتابعة العروض، بالإضافة إلى سوء التنظيم الذي وصل إلى درجة كبيرة من الفوضى؛ حيث ترك الصحفي وهو لا يدري ماذا يعمل وكيف يصل إلى العروض والندوات الفكرية، وذلك بانعدام التنسيق وعدم وجود من ينسّق ويسهّل العمل للصحفيين.