قبلت مختلف أطياف المعارضة السورية، أخيرا، حضور ندوة جنيف الثانية، لإنهاء الأزمة السورية بعد مفاوضات عسيرة تمت بين قياداتها بمدينة اسطنبول التركية والذي خصص لاتخاذ موقف نهائي من مسألة حضور هذه الندوة من عدمه. وبعد يومين من النقاشات الحادة، تمت الموافقة على المشاركة في أشغال هذه الندوة من خلال عملية تصويت سري تم في ساعة متأخرة من ليلة الأحد إلى الاثنين. وفي أول رد فعل لهما رحبت الولاياتالمتحدة وروسيا بقرار هذا المعارضة التي بقيت مسألة تنظيم ندوة جنيف الثانية مرهونة بمقوفها. وأكدت المعارضة في بيان توج أشغال اجتماعها أنها وافقت على المشاركة في لقاء جنيف على أساس تحويل السلطة بشكل كلي وبشرط ألا يكون للرئيس بشار الأسد وكل المسؤولين السوريين الذين تلطخت أياديهم بدماء السوريين أي دور خلال المرحلة الانتقالية وفي تحديد مستقبل سوريا". ويتأكد من خلال العبارات المستعملة في بيان المعارضة أنها تراجعت عن مواقفها المبدئية الأولى التي حالت دون التئام هذه الندوة والتي أصرت من خلالها على عدم مشاركة الرئيس بشار الأسد فيها وهو الموقف الذي شكل عقبة حقيقية أمام عقد هذا المؤتمر الذي كان مقررا لشهر جويلية الماضي قبل أن يتأجل في عديد المرات بسبب التباين الواضح بين مواقف الفرقاء من هذا المسار الذي رعته الأممالمتحدة بتزكية روسية أمريكية. وهو الموقف الذي تشبث به احمد جربا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض الى آخر لحظة قبل أن يغير موقفه ربما نتيجة ضغوط أمريكية ملحة بضرورة المشاركة في الندوة. وكان الأخضر الإبراهيمي الموفد الدولي إلى سوريا شدد التأكيد في ختام جولته الأخيرة إلى عدة عواصم عربية وإقليمية على أن مشاركة المعارضة السورية تبقى أمرا حتميا ويجب أن تكون بصفة مشارك واحد حتى يكون لها موقف موحد وفعال لتحديد مستقبل سوريا. وقال جون كيري، وزير الخارجية الامريكي، المتواجد بالعاصمة الإماراتية تعليقا على هذا الاتفاق بأنه خطوة هامة على طريق إنهاء الأزمة السورية كون التوصل إلى حل تفاوضي يبقى أهم وسيلة لتحقيق الاستقرار في كل المنطقة ووضع حد فوري لإراقة دماء الشعب السوري ومنحه الفرصة لرسم المستقبل الذي يريده. وحسب مصادر سورية معارضة فإن هذا الاتفاق لم يكن ليتجسد لولا أن فصائل عديدة غيرت مواقفها الرافضة للمشاركة في هذه الندوة وقررت فجأة حضورها. وتكون دول مثل العربية السعودية وقطر وتركيا التي تقوم بتدعيم هذه الفصائل هي التي أقنعتها بالذهاب إلى جنيف. ولكن ذلك لم يمنع من بقاء بعض الأجنحة المسلحة التي رفضت فكرة المشاركة متشبثة بمواقفها وذهب بعضها إلى حد اتهام المشاركين فيها بالخيانة وبالتالي إهدار دمهم.