أثلج ميلاد أول مخبزة لإعداد خبز خال من الغلوتين بغرداية التي بادر إليها المستثمر موسى بوغيلة، بالشراكة مع بعض المستوردين الألمان، صدور المصابين بمرض السيلياك الذين يعانون من حساسية لمادة الغلوتين، بالنظر إلى الصعوبات الكبيرة التي يعانونها في سبيل تأمين الخبز. وحول مشروع فتح محل خاص لإعداد هذا الخبز، حاورت “المساء” صفية جباري رئيسة جمعية “مرضى السيلياك” لولاية العاصمة التي حضرت إشارة انطلاق قصد تحضير خبز خال من الغلوتين بغرداية. “المساء”: بداية، كيف تلقت جمعيتكم خبر الوقوف على مشروع إعداد أول مخبزة خاصة بمرضى السيلياك؟ صفية جباري: بسعادة كبيرة، تلقت جمعيتنا دعوة للمشاركة في مشروع أول مخبزة تعد خبزا خاليا من الغلوتين، هذا المطلب الذي رفعناه منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه جمعيتنا نشاطها، واليوم والحمد لله، نقف عند أولى الخطوات التي تبشر بتحقق حلمنا في الاستمتاع كغيرنا بطعم خبز صحي يعد بأنامل خبازين جزائريين، بعد أن تمكنا من إقناع موسى بوغيلة، مستثمر وخباز من ولاية غرداية، بخوض هذه التجربة، لاسيما أن السوق اليوم تفتقر للناشطين في مجال المواد الغذائية الخالية من الغلوتين، بالنظر إلى قلة الإقبال عليها لارتفاع أثمانها.
كيف تمكنتم كجمعية من إقناع موسى بوغيلة بالاستثمار في مجال الخبز الخالي من الغلوتين؟ في الحقيقية، يعتبر موسى بوغيلة من أقدم الخبازين بولاية غرداية، حصد العديد من الجوائز المحلية والدولية في المسابقات الخاصة بإعداد الخبز، وحدث أن شارك في واحد من نشاطاتنا بمناسبة اليوم العالمي للتغذية، حيث استمع إلى الصعوبات التي نتكبدها في سبيل الحصول على الخبز الذي يعتبر مادة غذائية ضرورية لا نستطيع الحصول عليها بسبب ارتفاع ثمن الفرينة، نظرا لعجزنا ماديا عن اقتناء الخبز المستورد الذي يباع بأثمان لا تستجيب لقدرتنا الشرائية، الأمر الذي دفعه إلى التفكير في الاستثمار في هذا المجال، خاصة أن لديه علاقات مع الألمان الذين يعرف عليهم إعداد فرينة خالية من مادة الغلوتين، وبعد أن قام بدورة تدريبية بألمانيا في مجال عجن هذا النوع من الخبز، قرر خوض التجربة ودعانا بالمناسبة إلى المشاركة في أول تجربة قصد إطلاق مخبزة خاصة بمرضى “السيلياك” بولاية غرداية، وهي المبادرة التي أثلجت صدورنا، خاصة بعد أن كشف لنا أن الجانب الإنساني هو الذي دفعه إلى الاستثمار في هذا المجال، لأنه لا يعود على المستثمر بالربح، وربما هو الدافع الذي جعل غيره من المستثمرين لا يفكرون به.
هل تعتقدين أن مخبزة واحدة بغرداية كافية لسد احتياجاتكم لمادة الخبز؟ كخطوة أولى، أثمن التجربة التي بادر إليها المستثمر، وأتمنى أن يستجيب باقي المستثمرين لندائنا في شأن تأمين مخابز خاصة بمرضى “السيلياك” عبر باقي ولايات الوطن، هذا من جهة، ومن ناحية أخرى، أعتقد أن إعداد مخبزة واحدة غير كاف، لأن المصابين بهذا المرض موجودون بكل أنحاء الوطن، وقد يتعذر عليهم التنقل إلى العاصمة من أجل اقتنائه، لذا نناشد كجمعية، السلطات المعنية وتحديدا وزارة التجارة تقديم يد العون للمستثمر موسى حتى يتسنى له فتح محل بالعاصمة، كونها تحوي عددا كبيرا من مرضى “السيلياك”، لتكون بمثابة مرجع يقصده الباحثون عن مختلف أنواع الخبز الخالي من مادة الغلوتين، في انتظار تعميم تجربة المخابز المخصصة لمرضى “السيلياك” التي من شأنها أن تضع حدا لمعاناتنا الطويلة مع الخبز.
ماذا عن سعر الخبز الخالي من الغلوتين، هل تم الاتفاق بشأنه؟ بعد أن تحقق حلمنا في توفير خبز خال من الغلوتين، يعد محليا، نتمنى كجمعية أن تكون أسعاره قريبة من الخبز العادي، وتلقينا في هذا الإطار وعودا من المستثمر نفسه بعد الاتفاق مع الشريك الألماني، ونتمنى أن تكتمل فرحتنا بضبط سعره، بحيث يستجيب لقدرة المرضى الشرائية، وأثقلت كاهلهم أسعار المواد الغذائية المستوردة، ومن جهة أخرى، اقترح المستثمر تزويد جمعيتنا بكميات لا بأس بها من الخبز، حتى يتم توزيعها على المرضى غير القادرين على شرائه وهذا خبر نستبشر به كمرضى.
كيف كانت ردود أفعال باقي الجمعيات الناشطة في مجال الدفاع عن مرضى “السيلياك”؟ بعد أن نشرت خبر مشروع المخبزة على شبكة التواصل الاجتماعي، تلقيت العديد من الاتصالات من جمعيات بالأغواط، تيزي وزو والبليدة ترغب في معرفة كل التفاصيل المتعلقة بالمخبزة، في حين اقترحت أخرى، على غرار جمعية تيزي وزو، تقديم يد العون للمستثمر موسى من أجل فتح محل خاص بالخبز الخالي من الغلوتين بولاية تيزي وزو، وهو مؤشر إيجابي للمرضى الموجودين بالولاية، الذين يزيد عددهم عن 100 مريض، حسب إحصائيات الجمعية.
بالحديث عن الإحصائيات، كم يقدر عدد المرضى المصابين ب"السيلياك”؟ في الواقع لا توجد إحصائيات رسمية، وبحكم أننا جمعية ولائية، فإن إحصائياتنا تشير إلى وجود 100 مصاب بمرض “السيلياك” على اختلاف شرائحهم العمرية، غير أن هذا الرقم لا يعكس العدد الحقيقي للمرضى الموجودين بالعاصمة، لأن عددا كبيرا منهم يقصدون الجمعية قصد المساعدة أو التوجيه، حيث يرفضون أن يتم إحصاؤهم كمرضى ويطلبون إلينا التزام السرية عند التعامل معهم، الأمر الذي يجعل إحصائيات الجمعية غير دقيقة.