أحيت "الجاحظية" أول أمس الذكرى الثالثة لرحيل الشاعر أبو سعدان محمد الشبوكي الذي خلّد اسمه في سجل النضال ودوّى صوته ب "جزائرنا" عابرا أسوار السجون. استحضر عبد الرحمن شيبان رفيق الراحل أجواء جنازة الراحل الشبوكي ذات ثلاثاء 14 جوان من سنة 2005 بمسقط رأسه بالشريعة بولاية تبسة إذ امتلأت الأرض بأفواج المعزين من داخل وخارج الوطن، الكل يتحدث عن هذا الرجل البار الذي منحه الخالق ملاحة الخلق والخلق، فهو العالم والشاعر والسياسي والإداري قضى حياته التي بلغت 89 عاما في خدمة شعبه وأمته. عرف شيبان الراحل في بداية الأربعينيات عندما كان يدرس معه في جامع الزيتونة كان طالبا نجيبا وأنيقا مهتما بقضية بلده، ساحرا في حديثه ومناضلا في صفوف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ثم عرفه مناضلا صابرا محبا للاستشهاد مثلما انعكس ذلك في نشيده "جزائرنا" احتكاك آخر جمع الدكتور شيبان عندما كان وزيرا للشؤون الدينية سنة 1980 حيث أدى فريضة الحج رفقة الشبوكي ليكتشف إيمانه وورعه. من جهته أشار الدكتور سعدان ابن الراحل الشبوكي إلى خصال والده في تواضع شديد، أما الدكتور عثمان سعدي الذي دارت محاضرته حول مآثر الراحل فاستعرض فترة تتلمذه على يد الشبوكي بمعهد ابن باديس بقسنطينة في فترة الأربعينيات وكيف كان يلقن تلاميذه الشعر الفصيح ويختار منه شعر الثورة والنضال إضافة الى اهتمامه بالمسرح حيث أنجز مسرحية تهاجم فرنسا الاستعمارية. أكد سعدي أن الراحل كان من الشعراء المجيدين يتقن العربية ومتمكن من الصنعة الشعرية، ذو جزالة وقوة. كتب الراحل نشيده الشهير "جزائرنا يابلاد الجدود، نهضنا نحطم عنك القيود، ففيك برغم العدى سنسود، ونعصف بالظلم والظالمين" سنة 1956بالمعتقل، هذا الأخير الذي ظل فيه إلى غاية الاستقلال. ويرى المحاضر أن الشاعر استمد مادته الشعرية من 4 مواضيع، أولها الوطنية حيث صاغ أروع قصائده في المعتقلات (56 62) من تلك القصائد "الوردة الحزينة"، "نجمة قافلة" و"صف الشجر". ثم العروبة حيث أنشد بعد الاستقلال قصيدته "إن العروبة في الجزائر صلبة" كما تناول قضايا عربية قومية منها موقفه الرافض لاتفاقية "كامب ديفيد" حيث هجا فيها الراحل أنور السادات قائلا عنه: "ليس في قلبه قدس ولا عرب". تناول أيضا حرب العراق وقال في احدى قصائده "البطولات في العروبة ولّت، ولها اليوم في العراق انعتاق" وقصيدة الى "أعداء العراق". الموضوع الثالث في قصائده هو الفن حيث كتب عن الفن الراقي والهادف وصاغ قصائد لفنانين عشقهم كفيروز ونجاح سلام مثلا، ومن القصائد التي كتبها "أين فيروز" و"وقفة على ضريح أبو القاسم الشابي"، عندما زار قبره في تونس، علما أن للراحل الشبوكي ثقافة فنية واسعة. الموضوع الآخر في أشعاره خاص "بالوجدان"، لذلك كتب الغزليات كقصيدة "لا تلمني" وهي عبارة عن حنين وهيام ويقول مطلعها: "لا تلمني إذا سمعت أنيني ورأيت الدموع ملأ جفوني" شجون الحديث عن الراحل الشبوكي لا تنتهي مع اتساع سجله المليء بالبطولات والمآثر.