تواصلت أمس، تباعا، ردود الأفعال المعبرة عن الحزن لفقدان أب جنوب إفريقيا ومحررها من العبودية، الزعيم الرمز نيلسون مانديلا، الذي استطاع في حياته أن يوحد بلاده ويخرجها من سلطة أكثر الأنظمة عنصرية في التاريخ، كما استطاع في مماته أن يوحد العالم أجمعه حول شخصه وشخصيته التي جمعت الفرقاء حولها فأزالت الحدود وأوقفت النزاعات ولو للحظات، ليتفق من في الشرق ومن في الغرب، من في الشمال ومن في الجنوب على أنه كان رجلا عظيما وأن مثله تستحق أن تطبع سلوكيات كل القادة والمناضلين في كل أرجاء المعمورة، وهو ما يدفع للقول بأنه "رجل الإجماع الدولي" بامتياز. فمن سيول، عاصمة كوريا الجنوبية، وصف الرئيسة بارك جون هي، مانديلا ب«رجل الدولة العظيم" الذي وضع نهاية سلمية للفصل العنصري. وقالت بارك -في بيان نقلته وكالة أنباء "يونهاب" الكورية الجنوبية، "أتقدم بأحر التعازي لشعب جنوب إفريقيا في وفاة الرئيس السابق نيلسون مانديلا"، مضيفة "كان رجل دولة عظيما أنهى سلميا الفصل العنصري الذي قسم بلاده لفترة طويلة". وأشارت بارك إلى أن قضية مانديلا العظيمة ستصبح أساسا للسلام في العالم وستظل في قلوب كل الجنوب إفريقيين وباقي شعوب العالم. وغير بعيد عن سيول، جاءت التعزية كذلك من بيونغ يونغ في وفاة الرئيس الأسبق نيلسون مانديلا الذي حيت "معركته ضد العنصرية ومن أجل الديمقراطية". جاء ذلك في رسالة بعث بها رئيس المجلس الشعبي الأعلى (البرلمان)، كيم يونغ نام، إلى رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما، جاء فيها أن "المنجزات الكبيرة التي حققها نيلسون مانديلا في معركته ضد العنصرية ومن أجل الديمقراطية لن تنسى أبدا من قبل شعب جنوب إفريقيا والإنسانية التقدمية". من جانبه، أعرب الرئيس الأفغاني، حامد قرضاي، عن حزنه العميق لرحيل الزعيم، واصفا وفاته "بالخسارة الكبيرة". وذكر بيان الرئاسة أن الرئيس الأفغاني قال في الرسالة "لقد رحل نيلسون مانديلا أيقونة عصرنا الذي سعى جاهدا من أجل تحقيق الكرامة والمساواة والحرية ولم يناضل ضد الفصل العنصري الذي عانى منه ذوو البشرة السمراء من أبناء جنوب إفريقيا فحسب وإنما نضال من أجل كرامتنا جميعا. وسيظل التاريخ يلقى الضوء عليه. فمانديلا يستحق ذلك". وقال رئيس البرلمان العربي، أحمد الجروان، من جهته، أن "حياة الزعيم الإفريقي الراحل نيلسون مانديلا ستظل شمعة مضيئة أمام كافة البرلمانيين في العالم الذين ينشدون الحرية والعدالة والحياة الكريمة لبلادهم وشعوبهم". وأضاف أن "مانديلا وضع علامة بارزة في تاريخ الإنسانية وأجبر العالم أجمع على احترام فكره ونضاله" مرجعا ذلك إلى "تميز شخصيته بالأخلاق الإنسانية السامية الحقيقية ونشر قيم ومبادئ التسامح والتصالح مهما احتدمت الخلافات". وعزت إيران شعب جنوب إفريقيا والحكومة والبرلمان في وفاة رمز مكافحة الفصل العنصري. وقال رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني أنه "يشعر بالأسف البالغ إزاء وفاة من وصفه ببطل السعي للحرية والكفاح ضد العنصرية في إفريقيا". كما أشاد ب«حياة مانديلا التي كرسها للكفاح ضد العنصرية"، مشيرا إلى أن ما قام به مانديلا على مدار حياته يعد نموذجا يجب أن يحتذي به محبو الحرية والمفكرون الأحرار". كما نعى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلي، وفاة الزعيم الأفريقي الكبير، مؤكدا أن التاريخ سيذكر مانديلا كبطل من أجل الكرامة الإنسانية والحرية والسلام والمصالحة والتعايش المشترك. وأضاف أن العالم الإسلامي سيبقى دائما يقدر ويتذكر الصفات الأخلاقية والسياسية الاستثنائية للزعيم الراحل الذي سيبقى على الدوام في ذاكرة الشعوب المسلمة كشخص ضحى بمعظم حياته من أجل أن يتمكن شعبه العظيم من نيل حريته وكرامته. وأوضح أوغلي أن العالم الإسلامي لن ينسى الدور الكبير والرائد الذي قام به الزعيم مانديلا في التقريب بين الأديان المختلفة بما في ذلك الدين الإسلامي الحنيف. وبدورها نعت الحكومة الليبية المؤقتة "المناضل الإفريقي الكبير"، داعية الليبيين إلى استخلاص العبر من مواقفه. وقالت الحكومة في بيان لها إنها "تلقت ببالغ الأسى والحزن وفاة المناضل الافريقي الكبير نيلسون مانديلا، هذا المناضل الذي كرس حياته من أجل قيم الحق والحرية والعدالة والمساواة وكان مثالا للصفح والعفو والتسامح والمصالحة الوطنية". ودعت الليبيين لاستخلاص العبر من مواقف مانديلا قائلة "ما أحوجنا نحن الليبيين لأن نستخلص العبر من مواقف هذه الشخصية الفذة في إرساء قيم التسامح والمصالحة الوطنية وتجاوز الماضي بكل مآسيه". وأكد الرئيس النيجيري السابق، أوليوسيجون أوباسانجو، أن الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نليسون مانديلا "كان قائدا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث عمل على ترسيخ مفهوم التضحية للدفاع عن قضيته". وقال أوباسانجو في تصريحات إعلامية، أمس، "لقد عاش مانديلا قائدا لشعبه مدافعا عن قضيته، مستعدا للحرب والموت في سبيلها، وذلك هو الدرس الذي ينبغي على الجميع أن يتعلموه منه.. فالقيادة الحقيقية تعني التضحية". كما أعلن الوزير الأول بالحكومة الصحراوية، عبد القادر طالب عمر، بالأراضي المحررة عن حداد لمدة 3 أيام بالجمهورية العربية الصحراوية، ترحما على "رجل السلام الرئيس السابق لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا ". وذكر لدى حضوره وقفة تضامنية لنساء من هيئات واتحاد دول أوروبية بالجدار الفاصل للصحراء الغربية "أن نيلسون مانديلا كان يأمل أن يرى قارة إفريقية خالية من كل أنواع الاستعمار والنزاعات ووفق المبادئ والقيم الذي كرسها طوال حياته في النضال"، مؤكدا أن "الشعب الصحراوي الذي يخطو نحو استرجاع سيادته الوطنية لن ينسى الرجل الرمز نيلسون مانديلا". وببكين وعلى لسان نائب الرئيس لي يوان تشاو، تمت الاشارة إلى أن مانديلا قضى حياته بأكملها يدعم ويدافع عن المساواة العنصرية وكذا المصالحة. وقالت إن مانديلا بطل ليس فقط في قلب شعب جنوب إفريقيا ولكنه حصل أيضا على اعتراف العالم. أما في كوبا التي كانت من الدول الأولى التي زارها مانديلا بعد خروجه من أسره الطويل، استقبل خبر وفاته ب«ألم عميق"، حيث تم إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام. وفي كل مدارس هذا البلد تم تكريم مانديلا "الرجل الاستثنائي" و«الصديق الكبير لفيدال كاسترو" و«الثوري الحقيقي". ومن كوبا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث توجد عاصمة السينما العالمية "هوليوود"، بدا الحزن واضحا على نجوم الفن السابع لفقدان هذه الشخصية التي تم تجسيدها في عديد الأفلام آخرها فيلم "مانديلا.. طريق طويل نحو الحرية" الذي يحكي حياة الزعيم الافريقي والذي بدأ عرضه في قاعات السينما قبيل وفاته. وتستعد جنوب إفريقيا التي تعيش حدادا وطنيا لتشييع رئيسها السابق، نيلسون مانديلا، بحضور قادة من جميع أنحاء العالم لدفنه في 15 ديسمبر في مسقط رأسه كونو جنوب البلاد. وفي هذا الإطار قال رئيس جنوب إفريقيا، جاكوب زوما، "علينا العمل معا لتنظيم الجنازة التي تليق بهذا الابن الاستثنائي لبلدنا ولأب أمتنا الفتية". وفي انتظار ذلك، تعيش كل المدن الجنوب إفريقية على وقع أجواء "احتفائية" ينظمها أبناء بلد الزعيم الافريقي مانديلا تتضمن أغاني الفصل العنصري وهتافات حزن لفقدان الرجل وفق تقارير محلية. وسيكون اليوم الأحد "يوما وطنيا للصلاة والتأمل" وستنظم مراسم وطنية رسمية الثلاثاء في ملعب سوكر سيتي في سويتو بالقرب من جوهانسبرغ، حيث ظهر مانديلا للمرة الأخيرة بين الناس في اختتام مباريات كأس العالم لكرة القدم في 2010. بعد ذلك، سيسجى جثمان مانديلا في مقر الرئاسة (يونيون بيلدينغز) من 11 إلى 13 ديسمبر ليتمكن المسؤولون وغيرهم من إلقاء نظرة الوداع عليه.