سعاد حليمة قدور إسم فني له صدى، أحبت الغناء منذ نعومة أظافرها لاسيما الأغنية المغاربية الكلاسيكية القديمة والأندلسية التي تأثرت بروادها، على غرار المرحوم أحمد وهبي، الفنانة سلوى، رابح درياسة، الحاج الغفور ونوري الكوفي، وغيرهم تعودت على سماع مزيج من الطابع الغنائي بالبيت العائلي، فالأم تنحدر من تلمسان والأب من مشرية، عاشت ببشار إلى سنة 86 ثم انتقلت عائلتها للإقامة بوهران، تفرغت لمتابعة دراستها وتخرجت من الجامعة وهي تحمل شهادة ليسانس في علم المكتبات، وتعمل حاليا بالمعهد الثقافي الفرنسي بوهران، ضربت لنا موعدا به لنجري معها هذا الحوار ففتحت قلبها لقراء الجريدة. المساء: بالرغم من موهبتك في الغناء بقيت غائبة عن الساحة منذ 26 سنة؟ سعاد حليمة قدور: صحيح انطلاقتي الفنية كانت متعثرة ومتقطعة طيلة تلك السنوات، فوالدي كان في السابق رافضا تماما لفكرة ولوجي عالم الغناء، أو مجرد الالتحاق بمعهد للموسيقي، ومع ذلك كنت أشارك بالفعاليات الفنية التي كانت تقام بالأكمالية أو الثانوية اللتين درست بهما ثم بالجامعة، ويعود الفضل الأستاذة بوشاوي أمينة، أستاذة الموسيقي التي شجعتني على صقل موهبتي الفنية وعرفتني على العديد من العازفين والفنانين بوهران، استطعت أن أكوّن صداقات، ساعدتني على المشاركة في العديد من التظاهرات الفنية التي كانت تقام على مستوى ضيق خوفا من والدي، ثم انقطعت بعد الزواج، ومع تكوين أسرة والعمل لم أجد الوقت، إلى أن جاءتني فرصة الظهور للجمهور سنة 2007 بالمركز الثقافي الفرنسي بوهران بمناسبة احياء العيد العالمي للموسيقي، حيث أديت كوكتيلا من مختلف الطبوع الغنائية الجزائرية، بينما كانت انطلاقتي الحقيقية سنة 2012 بتشجيع من الفنان عدة عبد القادر.
شاركت الطبعات الأخيرة من مهرجان الأغنية الوهرانية وأعدت أغاني جزائرية ومغربية ولم نسمع من أغانيك؟ لي رصيد متواضع من الأغاني فأنا أعتبر نفسي في البداية، ومسألة إعادة أغاني عمالقة الفن الجزائري والمغربي نابع من تأثري بهم، لكنني بصدد التحضير لعدد من الأغاني الجديدة، التي سأتعاون فيها مع الملحن المايسترو الباي بكاي.
هل يمكن أن نأخذ فكرة عن المشروع؟ أغنية ثنائية مع الفنان عدة عبد القادر تعالج موضوعا اجتماعيا وأغانيا أخرى من التراث الجزائري سأعيد غنائها، فالتراث الموسيقي الجزائري ملك للجميع، وليس من حق أي فنان منعه عن أحد وقد استلهمت الفكرة من الفنانة المغربية لطيفة رأفت، عندما أعادت الأغاني بصوتها وأطلقت عليها اسم لطيفة رأفت والخالدات فغنت لعدد من رواد ورائدات الأغنية المغاربية منها أغنية “كيف راي هملني” للمطربة سلوى، “علاش ياغزالي” وغيرها من الأغاني التي خلدت أصحابها بالرغم من رحيلهم عن هذه الدنيا ولاقت التجربة النجاح.
كيف توفق الفنانة سعاد بين ثلاثية العمل الإداري وخدمة الزوج والأطفال والفن؟ في بداية حياتي العملية والزوجية ضحيت بمشواري الفني في سبيل ضمان استقرار عائلتي وعملي، لكن حاليا أجد متنفسا لأمارس الفن الذي أحببته مع دعم زوجي لي طبعا وهذا فضل أشكره عليه.
كيف تري وضع الأغنية الوهرانية؟ للأسف الأغنية الوهرانية لم تتطور، ولم تجد بعد من يأخذ بيدها، فالذين يؤدونها يعدون على الأصابع، لاسيما العنصر النسوي الذي تناقص باختفاء العديد منهن إما بالاعتزال أو الموت أو الهجرة خارج البلاد، فالفنان لايحظى لا بالدعم المادي ولا المعنوي من قبل القائمين على الثقافة بالولاية، الذين أحملهم مسؤولية وضعية الفنان بها، لألهم لايلعبون دورهم في الرقي بالأغنية الوهرانية، ففرص العمل محدودة جدا، وأغلب الفنانين يعملون في مهن خارج إطار الفن، وما أجده غريبا ومؤسفا هو الكيل بمكيالين عندما يتفاوض مع الفنان منا على أجر مشاركته في الحفل أو التظاهرة الفنية التي تنظمها مديرية الثقافة بوهران ليأخذ مبلغا رمزيا، بينما هناك مغنو راي يحصلون على أضعاف المبلغ، هذا إذا زدنا عليه غياب التدريبات على الأغاني التي نشارك بها وغيرها من المشاكل التي تواجهنا.
وما الحل في رأيك؟ الحل بيد المسؤولين، الذين لهم الربط والحل، فالفنان بصفة عامة لديه أفكار لكن لا يجد من يستثمرها عندما تنقصه الإمكانيات المادية، وحان الوقت لنستعيد بريق الأغنية الوهرانية المهذبة التي ترقي بالمستمع، فهناك عائلات عايشت ذلك الزمن جميل، وتتوق للعودة بها إليه، ولا أدري لم لا تستغل مديرية الثقافة مركز الاتفاقيات أحمد بن أحمد في تنظيم حفلات فنية على مدار شهور السنة.
لو اختار أحد أبنائك طريق الفن، فهل سيجد الدعم منك؟ الطريق ليس سهلا، ولكن إذا اكتشفت الموهبة والرغبة الملحة عند أحد أبنائي، فلن أقف في وجهه، له مني التوجيه والمساعدة بشرط مواصلة دراسته.
هل يمكن أن نعرف علاقة الوّد التي تجمعك مع الفنانة المغربية لطيفة رأفت؟ نعم، أنا من أشد المعجبات بهذه الفنانة التي اعتبرها سيدة بمعنى الكلمة وسفيرة فوق العادة لبلدها عبر العالم.
ماذا تمثل أغنية الراي بالنسبة لسعاد؟ أغنية الراي موسيقى وأصوات جميلة، غير أن الشيء الوحيد الذي يتلف موسيقى الراي ويخرجها عن طابع القديم هو تلك الألفاظ والمفردات التي تخدش الحياء وغير اللائقة التي أصبح يستعملها معظم فناني الراي في أغانيهم، من أجل المال والشهرة على حساب الذوق العام.
كلمة في الأخير... أريده أن أوجه دعوة لوالي وهران الجديد، ليهتم بالثقافة والفنانين بصفة عامة كل في مجاله، من أجل النهوض بعاصمة الغرب الجزائري والرقي بهاإلى مصاف العواصم المتوسطية.