قررت الحكومة التكفل بترميم 159 مسكنا وتعويض 58 تاجرا لحقت بهم أضرار، جراء الأحداث الأخيرة التي شهدتها بعض أحياء مدينة غرداية، وذلك تزامنا مع استكمال الدراسات التقنية لأكثر من 12 ألف قطعة أرضية ضمن ال30 ألف قطعة التي تَقرر توزيعها بالتساوي بين أهل المنطقة، في إطار القرارات التي توّجت اجتماع الوزير الأول بممثلي سكان هذه الولاية المحافظة قبل أسبوعين. ففي إطار المساعي الحثيثة التي يبذلها الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، الذي انتقل مساء أول أمس إلى غرداية لقضاء ليلة المولد النبوي الشريف مع سكان هذه الولاية، قررت الدولة التدخل مرة أخرى للتكفل بمواطنيها وتضميد الجراح التي تَسبب فيها الخلاف الذي نشب بين سكان ولاية غرداية، وأدى إلى وقوع أحداث دامية في الأيام الأخيرة للسنة المنصرمة، حيث تُوّج اللقاء الذي جمع السيد سلال بسكان هذه الولاية بمناسبة ترؤّسه فعاليات الاحتفالات الرسمية بالمولد النبوي الشريف، بإقرار التكفل بترميم 159 مسكنا لحقت بها أضرار جراء الأحداث الأخيرة، فضلا عن تعويض الخسائر التي تعرّض لها 58 تاجرا لنفس الأسباب. وحسب والي غرداية محمود جامع، فقد تم تبليغ المواطنين المعنيين بهذه القرارات، في الوقت الذي تقوم مصالح الولاية بدراسة طعون 18 تاجرا آخر، تقدم بها الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين، وسيتم تبليغ أصحابها بالقرارات النهائية قريبا. وإذ ذكر بأن القرارات التي اتخذتها الحكومة تُعتبر ثمارا لجهود الوزير الأول للتكفل بالأوضاع في الولاية؛ تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، والتي ساهمت، على حد تأكيده، في تهدئة الأوضاع وعودة الأمور إلى طبيعتها وغرس الطمأنينة والارتياح في قلوب مواطني الولاية، أعلن والي غرداية استكمال مصالحه الدراسات التقنية الخاصة ب12 ألف قطعة أرضية من ضمن 30 ألف قطعة، كانت الحكومة قد قررت في اجتماع الوزير الأول بممثلي سكان الولاية مطلع الشهر الجاري، توزيعها على طالبي الاستفادة من الأراضي في إطار البناء الذاتي بشكل عادل ومتساوٍ. وأوضح الوالي أنه في إطار استكمال تجسيد هذا القرار، سيتم تخصيص المناطق التي تتواجد بها هذه الأراضي بالمدن الجديدة. كما سيتم تهيئة هذه القطع الأرضية الفردية، التي تتراوح مساحة كل منها ما بين 200 إلى 250 مترا مربعا، موزعة على 30 موقعا، قبل تقسيمها إلى قطع مهيأة للبناء لفائدة المواطنين. من جهة أخرى، أفاد والي غرداية بأن اللقاءات والمشاورات مع السكان والأعيان وممثلي المجتمع المدني، متواصلة لتشكيل مجلس العقلاء على مستوى الولاية وعلى مستوى ست بلديات، وذلك تنفيذا للقرار الذي خرج به اجتماع الوزير الأول بممثلي السكان في بداية الشهر، حيث تم، حسب نفس المسؤول، عقد لقاءات لهذا الغرض، وبرمجة لقاء آخر غدا الخميس، للاستماع لكافة المقترحات والخروج بتمثيل ينسجم مع مفهوم العقلاء. وفي هذا السياق، كشف السيد جامع بأن الوزير الأول يحرص على أن تكون فئة الشباب ممثلة في هذه المجالس، حتى تستطيع نقل انشغالاتها للسلطات، وتوفير فضاء للتعبير عن طموحاتها، فيما أبدى الوالي ارتياحه لعودة الهدوء إلى الولاية، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن التلاميذ استأنفوا منذ الثلاثاء الماضي، تمدرسهم بنسبة 100 بالمائة، فيما عاد كافة التجار بمن فيهم أولئك الذين يعملون بالمدينة القديمة، إلى نشاطهم بشكل كامل منذ الخميس المنصرم.
غرداية نموذج رائد للتعايش بين المذاهب في كلمة ألقاها بمناسبة احتفالية المولد النبوي الشريف التي أشرف عليها الوزير الأول عبد المالك سلال بمسجد "بدر"، أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله، أن غرداية كانت دائما نموذجا رائدا للتعايش والتفاهم بين المذهب المالكي والإباضي، وذلك بفضل علماء المذهبين، الذين رسّخوا هذا التعايش بالإثراء وحسن التوجيه. واعتبر الوزير هذا التعايش بين المذاهب بغرداية، تأكيدا لسعة الإسلام وسماحة شريعته، مبرزا فضل أبناء غرداية العريقة في تجسيد هذه القيم، التي مكّنت أهل المنطقة من العيش في وفاق وتراحم وانسجام، وفي ظل وحدة دينية مقدَّسة وجامعة. وإذ أبرز بأن الجزائر المعروفة بتنوع وثراء نسيجها الاجتماعي واللغوي والثقافي، كانت دائما في منأى عن كل أنواع التطاحن العرقي والصراع المذهبي والتعصب الذي عاشته بعض المجتمعات في المشرق، أكد غلام الله أن مدينة غرداية العريقة بتاريخها وعلمائها، خير مثال على هذا الثراء، داعيا إلى تجسيد المعاني الجليلة لذكرى المولد النبوي الشريف وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وغرسها في نفوس الشباب، ليكونوا خير خلَف لخير سلف.
الهيئة الإباضية تشيد بحرص الرئيس بوتفليقة على استقرار غرداية وبالمناسبة، أشاد مجلس الشيخ عمي السعيد وهو الهيئة العليا للمؤسسات الدينية الإباضية الجزائرية بالاهتمام الكبير الذي يوليه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لقضايا الأمة الجزائرية، وعلى وجه الخصوص منطقة غرداية. ونوّه ممثل المجلس ترشين صالح بن عمر في الكلمة التي ألقاها خلال الاحتفالية، بالدور الكبير الذي قام به الرئيس بوتفليقة للمّ شمل الجزائريين في المصالحة الوطنية، مشيرا إلى أن هذا الدور "سُجل له في التاريخ بأحرف من ذهب". وبعد أن أسدى عرفان المجلس للحكومة على اهتمامها بولاية غرداية، عبّر المتحدث عن أمله في أن يتواصل هذا العمل الدؤوب لإنجاح المساعي النبيلة، مؤكدا بأن مشاركة الوزير الأول عبد المالك سلال والوفد المرافق له من رجال الدولة والعلماء، لأهل غرداية الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، هو مساهمة منهم في جمع شمل أبنائها. وللإشارة، فقد جرى هذا الاحتفال الذي حضره أعيان الطائفتين المالكية والإباضية، على مستوى المسجد المالكي "بدر" الواقع بحي ثنية المخزن بغرداية، وكذا المسجد الكبير (الإباضي) بمدينة بني يزقن، حيث أشرف الوزير الأول بالمناسبة، على تكريم عدد من مشايخ المنطقة، وتوزيع جوائز تقديرية على عدد من حفظة القرآن العظيم والحديث النبوي الشريف. وتأتي مشاركة السيد سلال أعيان ولاية غرداية احتفالية المولد النبوي الشريف، في إطار المتابعة الصارمة للإجراءات، التي تم إقرارها خلال اجتماعه بممثلي الطائفتين الإباضية والمالكية، والتي شملت أساسا الإعلان عن إنشاء مجلس حكماء على مستوى الولاية والبلديات المعنية، ليتولى مهام التحكيم والصلح بين المتنازعين، وكذا التوزيع المتساوي والمتوازن ل30 ألف قطعة أرضية موجهة للبناء الذاتي عبر كامل بلديات الولاية، وتكليف وزارة التضامن الوطني بدراسة مختلف المساعدات الواجب تقديمها لضحايا الأحداث التي شهدتها الولاية. وكان السيد سلال قد أكد خلال زيارته الأخيرة لولاية البليدة، بأنه لا يوجد أي مشكل بين الإباضية والمالكية، مبرزا التقارب الحاصل بين هذين المذهبين.