أبرز أساتذة في التاريخ وأكاديميون أمس، دور المؤرخ الراحل أبو القاسم سعد الله في التأريخ للتراث الشعبي الجزائري العميق، من خلال كتاباته التي جمعت ما بين التاريخ والأدب. وأوضح المشاركون في أشغال اليوم الدراسي الذي نظّمه مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران، أن قدرة المؤرخ أبو القاسم سعد الله على الجمع ما بين التاريخ والأدب، جعلت منه مؤرخا وبامتياز لمكونات الشخصية الجزائرية ثقافيا وحضاريا، خلال أزمنة عديدة مرت بها الأمة. وقال الأستاذ محمد بشير بويجرة في هذا الصدد، بأن سعد الله "نجح في طرح قضايا التراث والثقافة بنظرة علمية دقيقة ومتأنية، بعيدا عن الأحكام السطحية"، واصفا إياه بالنموذج المتفرد. كما ذكر المتحدث بأن نوعية أعمال المؤرخ وكتاباته توحي بأن الراحل سعد الله كان "قارئا ذكيا للتاريخ، يستعين بمناهج علمية مميزة في أبحاثه وأعماله التأريخية"، مضيفا بأن الفقيد كان "يعتمد على التنقيب والتحليل، في محاولة منه لفهم العلاقات الاجتماعية، ويطرح الإشكالات المرتبطة بكل مرحلة زمنية من خلال مختلف الظروف الوطنية والإقليمية والعالمية السائدة، وبشتى الأبعاد". وأعرب المتحدث في الأخير، عن إعجابه بالاجتهاد العلمي لأبي القاسم سعد الله، "والذي أنتج لنا وللأجيال المتعاقبة، مواد علمية مفيدة للمجتمع". من جهته، اعتبر الأستاذ حبيب مونسي من جامعة سيدي بلعباس، الراحل أبو القاسم سعد الله، أحد رواد كتابة التاريخ الوطني؛ "لما له من إسهامات بارزة في هذه المهمة الصعبة والكبيرة، التي تدرّ بالفائدة على المجتمع". وأوضح أن المؤرخ "اجتهد لجعل أعماله ذات بعد أكاديمي وغايات موضوعية"، مشيرا إلى أن "روايات سعد الله وأعماله الأدبية، كان لها إسهام في كتابة التاريخ بنظرة واقعية وباحترام للوقائع، بالاستناد على النصوص والمراجع والمخطوطات والأدلة العلمية". وخلص المشاركون في هذا اللقاء إلى أن المؤرخ الراحل أبو القاسم سعد الله، يُعد أحد كبار صنّاع كتابة التاريخ الوطني، ولا سيما الثقافي منه، مشيدين بخصال المؤرخ ومواقفه الإنسانية ودعمه الكبير للباحثين الجامعيين، خاصة المهتمين بالتاريخ الوطني. يُذكر أن أبو القاسم سعد الله الملقّب بشيخ المؤرخين، توفي في ديسمبر الماضي عن عمر ناهز 83 عاما، إثر مرض عضال.