الوساطة الجزائريةبمالي ليست استعاضة عن المبادرة البوركينابية تطرق وزير الشؤون الخارجية، السيد رمطان لعمامرة، في حديثين أدلى بهما لكل من جريدة "النهار" الكويتية وإذاعة فرنسا الدولية، مؤخرا، إلى جملة من المسائل العربية والإفريقية، لاسيما القمة العربية المقبلة بالكويت وكذا استئناف الوساطة الجزائرية بين الحكومة المالية وتوارق شمال مالي والوضع في سوريا. ففي حديث مع إذاعة فرنسا الدولية الملتقطة بباريس، أدلى به لممثلها في العاصمة الإثيوبية، تطرق إلى استئناف الوساطة الجزائرية بين السلطات المالية وتوارق شمال البلاد، إذ أكد أنها ليست استعاضة عن المبادرة البوركينابية، موضحا أن "الأمر يتعلق بجهد إفريقي لإعطاء فرصة للحوار بين الماليين فهناك استمرارية بين الجهد الذي يبذله أشقاؤنا البوركينابيون وما فتئ يكون مصلحة للجزائر ومساهمة للجزائر وقيمة مضافة للجزائر". وأشار إلى أن "المساهمة البوركينابية قد أفضت على الأقل إلى اتفاق تم من خلاله تنظيم انتخابات فليس هناك أي تناقض سواء في الأهداف أو في النتائج وبشكل أساسي هناك تكامل وتضافر للجهود وكذا استمرارية وشفافية". وتابع قوله بأنه إذا كانت الجزائر قد وفرت الضيافة لأشقائها الماليين للتفكير معا وتقريب وجهات نظرهم والاستعداد بشكل أكبر للذهاب إلى حوار شامل بين الماليين فلأن ذلك "قد طلب منا"، مضيفا "إننا لم نحاول فرض أنفسنا على ساحة سياسية لم نغب عنها يوما بأي شكل من الأشكال فقد كان ذلك الطلب رغم الظروف وكذلك الوضعية الجديدة كما كانت هناك بطبيعة الأمر مباركة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا لهذا الجهد الجزائري". وأبرز رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن الهدف من السلسلة الأولى من الاتصالات الاستكشافية بالجزائر يتمثل في جعل المراحل المقبلة "أكثر شمولا حتى وإن كان الذي حصلنا عليه أكثر تمثيلا". كما أضاف إننا "نسعى أيضا إلى العمل بالتعاون مع هؤلاء وأولئك ومختلف السلطات التقليدية في شمال مالي وكذا مختلف الشركاء على تنظيم سلسلة ثانية من اللقاءات في جو هادئ ومناخ سياسي وبسيكولوجي محكم التحضير لإحراز تقدم بغية تحديد جوانب ومضامين هذا الحوار بين الماليين". وعن سؤال حول العلاقات الجزائرية- الليبية والمشاكل الأمنية على حدود البلدين، أوضح السيد لعمامرة أن ليبيا تواجه "تحديات كبيرة". وقال في ذات الصدد "إننا نلاحظ جيدا بأنه حتى بالنسبة لبلد لا يفتقر للموارد الاقتصادية فإن تحديات إعادة بناء وتنمية ما بعد النزاع تتجلى بشكل حاد"، مضيفا أن "دورنا جميعا يتمثل في مساندة الحكومة الليبية في إعادة بناء مؤسساتها الأمنية". أما فيما يخص الجانب الجزائري، فقد ذكر بأن نائب الوزير الأول ووزير الداخلية الليبي، صديق عبد الكريم، قد أجرى زيارة "هامة" خلال الأسبوع الفارط إلى الجزائر مرفوقا بمسؤولين رفيعي المستوى يمثلون القطاعات الأمنية في ليبيا. وخلص رئيس الدبلوماسية الجزائرية في الأخير إلى القول بان "(...) ذلك قد أفضى إلى التزامات واعدة فيما يخص التعاون الجزائري-الليبي في المجال الأمني". وفي حديثه مع جريدة "النهار" الكويتية، تحدث الوزير بالخصوص عن الأوضاع في الوطن العربي، إذ أعرب عن أمله في أن تفضي القمة العربية المقررة شهر مارس المقبل بالكويت إلى نتائج إيجابية واصفا إياها بقمة "المصالحة والمصارحة". وشدد على ضرورة العمل على إنجاح القمة العربية المقبلة حتى تكون "قمة للمصالحة والمصارحة وانبعاث الأمة على أسس توافقية". وأكد في هذا الإطار على الأهمية التي يكتسيها جانب التعاون بين مختلف الدول العربية، معربا عن يقينه بأن هناك عددا منها "مؤهلة لبناء جسور بين الجميع" الأمر الذي "سيخدم التوصل لإجماع عربي (...) بالإسهامات التوعوية لعقلاء هذه الأمة وقيادييها الذين تتوفر لديهم الحكمة السديدة للتأثير على مجريات الأمور وبناء توافقات عربية جديدة من شأنها المساعدة على وقف إراقة الدماء أينما وجدت و في سوريا بالذات". وبخصوص الوضع القائم بسوريا، أكد السيد لعمامرة بأن الهم الوحيد للجزائر هو أن "يتوافق الأشقاء السوريون لحل مرض من شأنه أن يجمع الكل ولا يقصي أحدا ممن يرغبون في المساعدة على إعادة بناء سوريا"، وهو الأمر الذي يبقى مرهونا ب«أن لا يأتي أحد بشروط مسبقة" والتي من شأنها "أن تزيد الوضع تعقيدا بدلا عن إيجاد الحلول" كما قال. وفي رده على سؤال حول رؤية الجزائر لتوجه الأممالمتحدة لتشكيل هيئة سياسية انتقالية لتسيير الأمور في سوريا خلال المرحلة الانتقالية، أشار إلى أن هذه الفكرة يؤسس لها ما ورد في بيان "جنيف 1"، كما أن تجربة إنهاء النزاعات المسلحة توحي بأنه "من الضروري أن تكون هناك مرحلة انتقالية يتفق على تأطيرها الفرقاء ويتم تخطيها بمساعدة دولية". وخلص إلى التذكير بموقف الجزائر القاضي بالاعتراف بالدول وليس الحكومات والأنظمة، حيث تظل العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية السورية "قائمة" و«عادية"، ليؤكد في هذا الصدد على "ضرورة إنهاء الوضع القائم في هذا البلد والبحث عن حلول سلمية". كما عرج السيد لعمامرة في حديثه عن العلاقات الجزائرية-المصرية، حيث أكد بأن الجزائر "تتابع باهتمام كل ما يجري على الساحة العربية" على غرار مصر التي تعد "دولة كبيرة ومهمة تؤثر على محيطها العربي وتتأثر بالتطورات"، ليذكر مجددا بأن الجزائر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى. وتطرق أيضا إلى العلاقات "الجيدة" التي تجمع الجزائر بالعراق والتي تمتلك "آفاقا للتطور والتوسع والوصول إلى مراحل نوعية أفضل وأحسن". وفي الملف الفلسطيني، جدد تذكيره بأن الحل النهائي يتطلب الاستجابة لحقوق الفلسطينيين باعتبارها غير قابلة للتصرف". وكانت لوزير الخارجية عدة نشاطات على هامش مشاركته في أشغال القمة 22 لرؤساء الدول والحكومات للاتحاد الافريقي، حيث تحادث أول أمس بأديس أبابا مع نظيره التونسي مونجي حمدي. وتمحور اللقاء حول أشغال القمة وكذا الاستحقاقات المقبلة في إطار العلاقات الأخوية والتعاون بين الجزائر وتونس. كما مثل وزير الخارجية الجزائر في الاجتماع رفيع المستوى للاتحاد الافريقي المخصص لأجندة التنمية لما بعد 2015. وصادقت اللجنة التي ترأستها رئيسة دولة ليبيريا، السيدة ايلين جونسون سيريليف، بالاجماع على مشروع موقف إفريقي موحد حول أجندة التنمية لما بعد 2015 والتي عرضت على القمة تمهيدا للمفاوضات حولها. وتتزامن أجندة التنمية لما بعد 2015 مع موعد 2015 السنة التي تمثل آخر أجل لإنجاز أهداف الألفية من أجل التنمية. وشارك الوزير كذلك في اجتماع لجنة الرؤساء العشر للاتحاد الافريقي حول إصلاح منظومة الأممالمتحدة بصفته ممثلا للجزائر التي هي عضو في اللجنة. وسجلت اللجنة آخر التطورات في إطار المفاوضات الحكومية حول موضوع إصلاح المنظومة الأممية. كما أكدت من جديد الموقف الافريقي لا سيما اتفاق ازولويني واعلان سيرت. وطالبت اللجنة أيضا بعقد اجتماع في عاصمة تشاد (نجامينا) نهاية شهر فبراير لوضع استراتيجيات تخص التعريف بالموقف الافريقي في المفاوضات الحكومية.