أكد المشاركون في ندوة تاريخية نُظمت أمس بالجزائر العاصمة، أن ضحايا حادث الطائرة الذي جرى بفيتنام يبقون مثالا يُحتذى به في خدمة المصلحة العليا للوطن، موضحين أن الطاقم الصحفي الذي لقي مصرعه في هذا الحادث، ترك رسالة واضحة للجيل الجديد من الإعلاميين، ليكونوا خادمين للوطن أكثر وليس لهدمه. وأكد وزير الإعلام الأسبق السيد محيي الدين عميمور في تدخّل له أمس الثلاثاء، في ندوة تاريخية نُظمت بمنتدى جريدة المجاهد تخليدا للذكرى ال40 لرحيل 15 صحفيا في حادث الطائرة بالفيتنام، تحت شعار: “وقفة عرفان لشهداء المهنة”، أكد أن هؤلاء الصحافيين الضحايا مثلوا بلدهم الجزائر أحسن تمثيل بالفيتنام بمناسبة زيارة الرئيس الراحل هواري بومدين لهذا البلد يوم 08 مارس 1974، إلا أن الأقدار شاءت أن يكونوا شهداء الواجب الوطني وشهداء مهنة المتاعب، مما يجعلهم قدوة مثالية للأجيال القادمة لتحذو حذوهم في خدمة الوطن. وقدّم عميمور الذي كان يشغل في تلك الفترة منصب مسؤول الإعلام برئاسة الجمهورية ومرافقا للوفد الرئاسي، قدّم توضيحات كاملة وشروحات حول حيثيات حادث هذه الطائرة، التي أرجعها إلى خلل تقني محض، نجم عن سوء تقدير قائد الطائرة للمسافة التي تفصل هذه الأخيرة عن الأرضية المخصصة للهبوط، مجددا تفنيده لكل الأقاويل والإشاعات التي رُوّجت من قبل حول هذا الحادث الذي اعتبره مأساويا، وهو ما لقي تضامنا عربيا ودوليا منقطع النظير. وأعرب المتحدث عن استغرابه الكبير لعدم اقتناع بعض الأطراف بكون العطب التقني هو السبب الرئيس وراء تحطم هذه الطائرة بالفيتنام، مشيرا إلى أن هذه المعطيات هي ما تم الوصول إليها عبر لجنة التحقيق، التي تم تكليفها بالتحقيق في الموضوع. كما دعا، في السياق، إلى وجوب تخليد أسماء الصحافيين والتقنيين الذين راحوا ضحايا هذا الحادث في الشوارع والمدن ومراكز التكوين الإعلامية، مبديا استياءه الكبير من عدم التفكير حتى في تخليد هذه الأسماء الإعلامية التي ضحت بأغلى ما تملك في سبيل خدمة الوطن، على جدارية أو نصب تذكارية، تكون مرجعا لمختلف الأجيال المتعاقبة. وأشاد عميمور بموقف الرئيس بومدين تجاه عائلات الضحايا، ووقوفه القوي والدائم بجانبهم ومواساته لهم في مصابهم الجلل، مجددا تذكيره بتأثره العميق بهذا الحادث الذي أثر في قلوب كافة الجزائريين. وبجانبه، استرجع الصحفي محمود بوسوسة مختلف الوقائع حول الحادث وردود الأفعال المتأثرة للوفد الرسمي الجزائري، إلى جانب السلطات الفيتنامية التي أبدت تأثرها الكبير وقدّمت تعازيها الخالصة لأسر الضحايا، موضحا أن السلطات الفيتنامية لم تتوان في القيام بدورها بشكل كامل في مواجهة مخلفات هذه الفاجعة. ودعا بوسوسة في هذا الإطار، إلى عدم نسيان مثل هؤلاء الرجال الذين دافعوا عن الوطن بالقلم، وساهموا في صون مصالحه العليا، داعيا الأسرة الإعلامية اليوم إلى ضرورة الاستلهام من المسيرة المهنية لهؤلاء الأبطال، وانتهاج طريقهم في الدفاع عن الجزائر. وللإشارة، فقد بادرت جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع مسؤولي منتدى جريدة المجاهد، بتكريم رمزي للصحفي المصوّر الوحيد الناجي من هذا الحادث لحول نذير، الذي تأثر كثيرا بما وقع، وعبّر عن سعادته الكبيرة لمثل هذه الالتفاتة الطيبة، حيث شدّد على ضرورة التخليد الدائم والمتواصل لهذا الحادث. وللتذكير، كانت الطائرة الفيتنامية المقلة للوفد الصحفي متوجهة من المطار الدولي هانوي نحو مطار آخر على مسافة 60كلم قبل الدخول إلى الجزائر، وهذا في إطار مهمة إعلامية لتغطية زيارة الرئيس الراحل هواري بومدين إلى فيتنام. وكان على متن الطائرة 15 صحفيا جزائريا و09 صحفيين فيتناميين إلى جانب طاقمها، ويتعلق الأمر بكل من عبد الرحمان قهواجي ومصطفى كبوب وعبد القادر بوحمية وصالح ديب ومحمود ميدات ولعرج بوتريف ومحمد بكاي وسبتي مواقي ورابح حاند العاملين في التلفزة الوطنية في تلك الفترة، بالإضافة إلى أحمد عبد اللطيف والمصوّر محمد طالب من وكالة الأنباء الجزائرية، ومحمد صحراوي وجيلالي جدار ومحمد طاع والطيب حركات.