ترى السيدة صفية جباري، رئيسة جمعية مرضى السلياك، لولاية الجزائر، أن المرأة تمكنت من رفع حاجز الحرج على هذا المرض الذي يعد من الأمراض النادرة والمزمنة وتشير، في هذا الحوار، إلى أن تأسيس الجمعية كان نتاج انتشار هذا الداء وسط العديد من المواطنين، إلا أن البعض، لاسيما الرجال، يرفضون البوح به ويعتبرونه أمرا مخجلا. نحيي اليوم العيد العالمي للمرأة، كيف تقيمين جهود الجزائرية؟ تحية كبيرة للمرأة الجزائرية، سواء العاملة أو الماكثة بالبيت فكلتاهما تبذل مجهودات كبيرة لتحقيق الاستقرار داخل البيت من تربية الأبناء، تهيئة الجو المثالي للزوج، تحضير مختلف المأكولات وتنظيف البيت..، وإن كانت المرأة العاملة تبذل ضعف ما تبذله المرأة الماكثة، لاسيما وأنها تعمل داخل وخارج بيتها، حيث تحاول جاهدة التوفيق بين عملها وأسرتها، وتنظيم وقتها، حتى وأن كان الأمر مرهقا وتحديا كبيرا، إلا أن الجنس اللطيف نجح في رفع هذا التحدي.
لقد أشرت في حديثك إلى أن هذا المرض يثير الحرج لبعض الرجال ويرفضون البوح بأنهم مصابون به، وبما أن الثامن مارس عنوان لتحدي المرأة في العالم، ماهو التحدي الذي رفعته أنت كإمرأة سواء على الصعيد الشخصي أو المجتمعي لمكافحته؟ حقيقة هناك بعض الرجال يرفضون الإقرار بأنهم يعانون من هذا المرض، لاسيما وأن هذا الداء نادر والعديد من الناس لا يعرفونه ويجهلون أعراضه، ما يجعل الرجل، الذي يتمتع بنوع من عزة النفس خاصة أمام أصدقائه عند ارتياد المطاعم، يعرض نفسه الخطر، بسبب عدم تفادي بعض المأكولات، ومع إنشاء هذه الجمعية تمكنت شخصيا، من تقبل أكثر هذا المرض بعد الاحتكاك المباشر بالمصابين بنفس الداء، وبالتعاون معا تمكنا من تحديد أهم النقاط المتعلقة بمرض السلياك، والتي على المصاب معرفتها، فالحقيقة أن الشخص الذي يجهل ماهية هذا المرض يصعب عليه مشاطرة المعاناة التي نواجهها، نحن المصابين، وبفضل الحملات التحسيسية والتوعوية تمكنا من التعريف بهذا الداء وترسيخ ذهنيات جديدة لدى المصابين وهو تقبل المرض والتعايش معه.
حدثينا عن أعراض هذا المرض والسبب الرئيسي الذي دفعك إلى ترؤس هذه الجمعية؟ إن مرض السيلياك ينتج عن مشكلة هضم البروتين المتواجد في الأطعمة مثل الخبز، المعكرونة والبسكويت، مما يشكل صعوبة في امتصاص المواد الغذائية، وتتمثل أعراضه في الإحساس بالتعب ووجود الغازات والنفخة، وفقدان الوزن. وهو مرض مناعي يصيب الأمعاء الدقيقة وله عدة أسماء منها: المرض الجوفي أو البطني أو المرض الزلاقي، ويعد من الأمراض النادرة والمزمنة، ولابد من التكفل به. وهو أيضا نوع من الحساسية تجاه بروتين الغلوتين الموجود بشكل رئيسي في القمح، الشعير والشوفان، مما يؤدى إلى التهاب الأمعاء التي تساعد على امتصاص المواد الغذائية الهامة والسوائل. والسبب الرئيسي وراء إنشائي هذه الجمعية هو كوني أعاني من هذا المرض، إلا أنني أتعايش معه وأحاول جاهدة مساعدة المرضى المصابين به، والذين يجهلون كيفية التعامل معه، لاسيما وأنه داء لا يستهان به، ومن الضروري تحديد الممنوع والمسموح من المأكولات، ولابد من توعية هؤلاء وأبائهم، حول الأغذية التي لابد من تجنبها كونها لم تدرج بعد ضمن أي خانة وعدم معرفة هل هي ضارة أو نافعة.
كيف تتعايشين شخصيا مع هذا المرض؟ إصابتي بالمرض كانت سنة 2008، في حين لم تكن لدي أدنى فكرة عنه، وبما أنه اكتشف لدي في فترة متأخرة بسبب سوء التشخيص، كان علي أن أجري عملية جراحية على مستوى الغدة الدرقية لتحسين وظائف الجسم الطبيعية، وبعد مجموعة التحاليل التي أجريتها كان علي إتباع حمية غذائية صارمة والابتعاد عن كل المواد التي تحتوي على الغلوتين، وهنا بدأت مغامراتي باقتناء المأكولات وبدأت بالبحث عن كل ما يتعلق بالداء عبر الأنترنت، والحمية التي يجب إتباعها. ومن هنا نشأت لدي فكرة تأسيس هذه الجمعية لحسن التكفل بهذا المرض، والحمد لله.
ما السبب الرئيسي وراء انتشار هذا المرض في المجتمع الجزائري؟ العشرية السوداء كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار هذا المرض، خاصة أن أغلب الحالات التي استقبلتها لمرضى ”السيلياك” داخل الجمعية، كانت بسبب صدمات نفسية، وضغوطات نفسية، سواء بعد وفاة الأولياء أو أحد المقربين من المريض أو حدوث أزمة عاطفية أو قلق حاد، وأنا شخصيا أصبت بهذا المرض بعد وفاة أمي حيث تلقيت صدمة عنيفة أثرت في جهازي الهضمي. ويعد مرض ”السيلياك” مرضا وراثيا الأمر الذي يترجم انتقاله إلى الفئات العمرية الصغيرة، وهو داء مزمن يلازم المصاب به مدى الحياة، ومن أعراضه تأخر النمو والإسهال المزمن ونقص الوزن، بالإضافة إلى آلام وانتفاخ البطن وفقدان الشهية أو زيادتها المفرطة، ويشعر المريض بالتعب والإرهاق الشديدين وتشنج العضلات. ويتطلب تشخيص هذا المرض أطباء أكفاء وأصحاب خبرة واسعة، فهناك من يصعب عليهم تشخيصه ويحددونه بفقر الدم أو هشاشة العظام.
ما هو مطلبك في الثامن من مارس؟ أطالب الجهات الوصية أخذ هذا المرض بعين الاعتبار وإدراجه ضمن خانة الأمراض المزمنة، لتسهيل عملية التعويض بفضل بطاقة الشفاء، لاسيما وأن العلاج يتطلب تناول أدوية مدى الحياة، التي تعتبر مكلفة بالنسبة للبعض، إلى جانب دعم المواد الرئيسية الخاصة بمرضى السلياك على غرار الفرينة والخبز ومختلف العجائن الباهظة الثمن.
ما هي الرسالة التي توجهينها للمرأة الجزائرية في يومها العالمي؟ أتمنى أن تحظى المرأة الجزائرية بالمكانة التي تستحقها داخل مجتمعها، كونها الأم والأخت والزوجة، وتكرم لنضالها الكبير داخل وخارج بيتها، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة أهنئ كل امرأة حول العالم وبصفة خاصة المسلمة والعربية وأتمنى لها المزيد من النجاح والمثابرة والتألق.