ارتأت شركة ”موبيليس” للاتصالات، أن تحتفل بالعيد الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة، فنيا عن طريق تنظيم معرض للفنان التشكيلي عبد النور بودربالة الذي ولج عالم الفن متحديا إعاقته بكلّ شجاعة وحب. عندما تشاهد كيف أنّ والدة الفنان التشكيلي عبد النور بودربالة وزوجته، تحيطان به خلال معرضه بالمقر العام لشركة ”موبيليس”، تدرك أنّ صاحب الاحتياجات الخاصة حينما يكون مدّعما يمكن أن يتجاوز الصعوبات ويخترق الجبال ليضع بصمته في عالم الفن أو في أيّ مجال آخر. عبد النور بودربالة فنان تشكيلي من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولج عالم الفن التشكيلي بكلّ إصرار منذ سن السابعة حينما بدأ في إنجاز نماذج لسيارات صغيرة، متحديا إعاقته التي ولد بها، ولم يثبط تحقيق هدفه أيّ عاطل، حتى أنّه أخذ رسوماته إلى رواق للتعريف بها، لأنّه لم يشأ أن تكون أعماله يتيمة لا تبرح فضاء البيت، بل صمّم على أن تعرض في فضاءات يمكن للجمهور أن يشاهدها. وشارك عبد النور -حسب تصريح والدته ل«المساء”-، في طبعة من طبعات ”صالون الخريف” وباع أوّل لوحة له، كما له مشاركات في جميع الأروقة الجزائرية، حتى أنّه أقام معارض في ليبيا وفرنسا، وأكدت والدة الفنان دليلة بودربالة، أنّ ابنها عاد مؤخرا من مرسيليا، حيث أقام عدّة معارض هناك بتكفل من شركة ”موبيليس”، وحينما عاد إلى الجزائر لتنظيم هذا المعرض، رسم أكثر من لوحة في عشرين يوما لا غير، لرد جميل هذه الشركة. وعادت السيدة دليلة إلى حلم ابنها الذي تحقّق، حيث كان يفكّر في مستقبله كثيرا، لتضيف أنّ ولدها الذي ولد معاقا مائة بالمائة والذي لا يقدر أن يحمل كوب ماء، يستطيع أن يرسم، وهو ما اعتبرته معجزة، لتضيف أنّ عبد النور نعمة من الله لا تقدر بثمن. وأشارت السيدة بودربالة إلى أنّ عبد النور بدأ في الرسم طفلا بعد تعرّضه لصدمة وفاة والده، مضيفة أنّها آمنت بقدراته، فكانت تعلّق رسوماته على الحائط وتفتخر بها، حتى أنّه لا يمكن أن يرسم إلاّ ووالدته موجودة في البيت، لتضيف أنّ عبد النور لم يستطع الرد إيجابيا على دعوات دول مختلفة مثل كندا، أستراليا، الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب عدم التكفّل به. أما زوجته مريم بودربالة، فقالت بأنّها ترافق زوجها في مساره الفني، حتى في المعارض التي ينظّمها داخل وخارج الوطن، لتضيف أنّه عرفانا بجميل ”موبيليس”، قام برسم أكثر من لوحة في مدة قصيرة، وهو في العادة ينجز عملين أو ثلاثة، في أكثر تقدير، كلّ عام، كما أشارت إلى أنّه بهذا الإنجاز، اكتشف عبد النور قدرته على القيام بعدّة أعمال في مدة قصيرة. وتحدّثت مريم عن الجوائز التي ظفر بها زوجها، وهي جائزة ”التفوّق الدولي” في ليبيا وجائزة ”الاستحقاق” من طرف جمعية وطنية تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، كما شارك أيضا في ”تيليطون” فرنسا العام الماضي في معرض عرف نجاحا كبيرا. من جهته، عبّر عبد النور – مستعينا بزوجته- عن سعادته بتكريمه من طرف شركة ”موبيليس” وكذا تكفّلها بمعرضه الذي أقامه بفرنسا، مذكّرا بالصعوبات التي يواجهها في إنجاز أعماله، وفي هذا السياق، قال المدير العام لشركة ”موبيليس”، السيد سعيد دامة، بأنّه سيرافق عبد النور في معرضين إلى بلجيكاوفرنسا وهو سعيد جدا باستضافة هذا الفنان بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة(14مارس)، وهي مناسبة للتأكيد على قدرات هذه الشريحة في مختلف مجالات الحياة، علاوة على أهمية إدماجهم والاعتراف بمواهبهم. وفي هذا السياق، قدمت ”موبيليس” لوحة ”أنترنت” الجيل الثالث لعبد النور بودربالة، كما عرضت على الحضور صورا عن لوحات ومعارض الفنان، من بينها صورة تظهره جالسا على الأرض، يرسم بصعوبة. وعرض عبد النور بهذه المناسبة، أكثر من عشر لوحات أوّل أمس بمقر المديرية العامة لشركة ”موبيليس”، أنجز معظمها في فترة وجيزة معتمدا بصفة غالبة على الفن التجريدي المعاصر، فرسم لوحة تحت عنوان ”حياتي” تتضمّن عدّة رسومات، من بينها قلب نصفه أبيض ونصفه الثاني أسود، وكذا لوحة قال عنها عبد النور بأنّها تمثّل المرأة التي تحافظ على التقاليد من خلال زيها ”الحايك”، وتحسّره على ندرة هذا اللباس في زمننا هذا. كما رسم لوحات أخرى وضع فيها لمسات مختلفة الألوان، حيث رسم الطبيعة، ولوحة عنونها ”أبي” يغلب عليها اللون الأسود، وفي وسطها شكل يشبه شجرة مضيئة قد يكون الجذر أي الوالد، وسط عتمة تعبّر عن فقدان الأب، وتظهر في لوحة أخرى، عين كبيرة وهي رمز استعمله الفنان في أكثر من عمل، فيا ترى ما تعني تلك العين؟ وهل هي هنا لمراقبتنا؟ أم للعناية بنا؟ سؤال لن نجد له إجابة عند عبد النور الذي يقول بأنّه ”سره الدفين”.