وجه وزير في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أمس، انتقادات لاذعة لوزير الخارجية الامريكي، جون كيري، على خلفية انتقاده لتصريحات الوزير الأول بنيامين نتانياهو الذي تمسك بفكرة "يهودية دولة إسرائيل" كشرط لتوقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وقال وزير البيئة في حكومة الاحتلال، غيلاد اردان، إنه من المؤسف جدا أن جون كيري أخطأ تحديد الطرف الذي كان يتعين عليه الضغط عليه" في إشارة الى الرئيس الفلسطيني. وقال إن كيري كان عليه أن يضغط على أبو مازن للاعتراف بيهودية إسرائيل والذي كان يتعين عليه أن يغير موقفه الرافض قبل توجهه إلى البيت البيض، حيث ينتظر أن يلتقي اليوم بالرئيس باراك اوباما. وأكدت تصريحات اردان أن إسرائيل لم تتقبل تصريحات وزير الخارجية الامريكي رغم أنها لم تتعد القول أن التمسك بهذا الشرط يعد خطأ. والمفارقة أن وزراء حكومة الاحتلال أرادوا أن يظهروا الاحتلال بمثابة الطرف الضعيف مع أن إسرائيل تبقى في نظر كل المتتبعين بمثابة الطرف الذي يتعمد في كل مرة افتعال العراقيل التي حالت إلى حد الآن دون التوصل إلى اتفاق سلام نهائي. والمفارقة الثانية أن موقف كيري لم يأت بأي جديد سوى أنه قال الحقيقة دون أن يفعل ما كان يجب فعله في مثل هذه الحالة بالضغط على الجهة المعرقلة على اعتبار أن بلده يبقى الطرف الذي يرعى المفاوضات وبالتالي اتخاذ القرار الذي يستدعيه الموقف وبما يؤكد نزاهة وحياد الادارة الأمريكية في الإشراف على مسار عملية السلام. ورغم أن الطرف الإسرائيلي يدرك أن محمود عباس لا يقدر على شيء إلا أن خطط الدعاية الإسرائيلية تتطلب ذلك بانتهاج تكتيك "الهجوم أحسن وسيلة للدفاع". وهو ما يفسر الانتقادات التي جاءت عشية انعقاد قمة باراك اوباما محمود عباس وسيكون ملف مفاوضات السلام والاتفاق الإطار الذي صاغه الوزير كيري على طاولة المحادثات. والمؤكد أن الوزير الأول الإسرائيلي سيحقق ما كان يسعى إلى تحقيقه على اعتبار أن الرئيس الامريكي سيعمل على الضغط على الرئيس الفلسطيني لقبول فكرة يهودية دولة إسرائيل التي تعني بشكل عملي وقاطع في حالة القبول بها، التضحية بكل حقوق الشعب الفلسطيني الذي بدا يفقد الأمل في عملية سلام تسير باتجاه خدمة مصالح طرف على طرف آخر في معادلة سلام تسير وفق منطق الكيل بمكيالين. ومن جهته، سارع وزير الدفاع الإسرائيلي، موشي يعلون، إلى القول أمس ضمن خطة التأثير على الموقف الامريكي أن الرئيس عباس لم يعد شريكا مؤهلا للتوقيع على اتفاق سلام يتضمن الاعتراف بدولة إسرائيل الوطنية كدولة للشعب اليهودي". ويمكن اعتبار اقتحام يوري ارييل وزير السكن في حكومة الاحتلال، أمس، لباحات المسجد الأقصى بمثابة ضغط إسرائيلي آخر على الادارة الأمريكية وخطة إسرائيلية من أجل إفشال قمة اليوم حتى يظهر فيها الرئيس عباس فعلا انه لا يريد التوصل إلى اتفاق سلام كما تروج لذلك الدعاية الإسرائيلية. وعندما نعلم أن يوري ارييل عضو في حزب إسرائيل بيتنا الحزب القومي الصهيوني المتطرف وأحد أشرس المدافعين على سياسة الاستيطان ندرك أن توقيت تدنيس الحرم المقدسي لم يأت بطريقة عفوية بقدر ما هو عمل مخطط له وتحين موعد قمة البيت الأبيض للضغط على الادارة الأمريكية وجعلها لا تتعدى الخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل للسلام الذي يريد.