لا تزال تصريحات رئيس الدبلوماسية الأمريكي، جون كيري، بمقاطعة إسرائيل دوليا في حال فشل العملية السلمية مع الفلسطينيين تثير ضجة كبيرة في الكيان الإسرائيلي المحتل الذي لم يتوان في توجيه مزيد من الانتقادات اللاذعة للوسيط الأمريكي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وأبدى وزير الدفاع المدني الإسرائيلي، غيلاد اردان، أمس، أسفه لما اعتبره عدم فهم الإدارة الأمريكية لحقيقة الوضع في الشرق الأوسط واتهمها بممارسة ضغوط في الاتجاه الخاطئ في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وحمل الوزير الإسرائيلي مسؤولية فشل مسار السلام للطرف الفلسطيني ولم يجد حرجا في الإعراب عن أمله في لو أن ”كيري أوضح للرئيس الفلسطيني محمود عباس ماذا سيحدث في حال مواصلته رفض السلام؟”. وتشهد إسرائيل موجة انتقادات تجاه المسؤول الامريكي بسبب تصريحات أدلى بها خلال مشاركته السبت الماضي في اجتماع بمدينة ميونخ الألمانية هدد من خلالها إسرائيل بإمكانية تعرضها لمقاطعة دولية في حال فشلت مساعيه في التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وحمل تصريح جون كيري في طياته انتقادات غير مباشرة ولكنها واضحة باتجاه إسرائيل بعرقلة مفاوضات السلام وطرحها في كل مرة عقبات في طريق تحقيق أي تقدم لانهاء وضعية مستمرة منذ عشرين عاما. وأثارت تصريحات رئيس الدبلوماسية الامريكي حفيظة المسؤولين الإسرائيليين وجعلت الوزير الأول الإسرائيلي يخرج عن صمته ويؤكد بلغة المتحدي أن ”المحاولات الداعية إلى فرض مقاطعة على إسرائيل ليست أخلاقية وليست مبررة وهي إن فرضت فإنها لن تحقق أهدافها”. وبنفس اللهجة الحادة، وجه وزراء إسرائيليون انتقادات لاذعة باتجاه كيري إلى درجة أن الإدارة الأمريكية لم تخف امتعاضها من تلك المواقف العدائية وأكدت رفضها لها بما أعطى الانطباع عن توتر مرتقب في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. ولكن كتابة الدولة الأمريكية عادت لتوضح في بيان لها أن ”الوزير كيري أشار في خطابه أمام مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي إلى احتمال لجوء جهات دولية إلى أسلوب المقاطعة على رغم أنه يعارض مثل هذه الخطوة”. وأضاف البيان أن ”سجل الوزير كيري يثبت وقوفه إلى جانب دولة إسرائيل وسعيه إلى الحفاظ على أمنها”. بل أكثر من ذلك فقد أكدت الخارجية الأمريكية أن مسؤولها الأول يعارض وبشدة فرض مقاطعة على إسرائيل إلى درجة أن البيان أشار إلى أن كيري نفسه ”كان قد حث نظراءه الأوروبيين العام الماضي على عدم القيام بمثل هذه الخطوة”. في إشارة إلى القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي العام الماضي بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية القادمة من المستوطنات الإسرائيلية ضمن خطوة للضغط على حكومة الاحتلال لوقف البناء الاستيطاني. وهو ما يقطع الشك باليقين في أن هذا الجدل بين الطرفين الأمريكي والإسرائيلي هو في حقيقة الأمر مجرد ”زوبعة في فنجان” سرعان ما ينتهي غليانها لتعود الأمور إلى سابق عهدها وتعود إسرائيل الابن المدلل للولايات المتحدة. ودليل ذلك أنها ليست المرة الاولى التي تحدث فيها مثل هذه التوترات بين الجانبين كان آخرها الاتهام الخطير الذي وجهه وزير الدفاع موشي يعلون لكيري منتصف الشهر الماضي عندما اعتبر أن هذا الأخير لا يفقه شيئا في منطقة الشرق الأوسط. ورغم اعتذار يعلون عن تلك التصريحات إلا انه بقي متمسكا بموقفه ولم تتخذ الإدارة الأمريكية بعدها أي موقف حازم ضد إسرائيل. واللافت أن هذا التوتر جاء في الوقت الذي أبدى فيه الرئيس محمود عباس استعداده لقبول انسحاب إسرائيلي على مدار خمس سنوات بعد التوصل إلى اتفاق سلام مع نشر قوة تابعة للحلف الأطلسي على طول حدود الدولة الفلسطينية المستقلة. وغير الرئيس عباس في حديث صحفي نشرته أمس صحيفة ”نيويورك تايمز” الأمريكية من موقفه الأولي الذي كان تمسك خلاله المستوطنون بمدة ثلاث سنوات كمهلة لانسحاب المستوطنين اليهود من الأراضي التي تقام عليها الدولة الفلسطينية المستقلة.